الصفحة 6 من 9

بلا مُقدّمات، وجدتُ نفسي في الألفية الثالثة لعام ألفين وعشرين. ولكي يكتمل الماضي، يجب أن يمرَّ صاحبُهُ بتجاربَ تختمرُ مادتُها في دِنان ثقافتهِ ومعرفته، تلك المُعتَّقة سلوكاً وتفاعلاً.. يوثّقُ لغايةٍ ورغبةٍ لا تنفطرُ مسافاتها الزمانية، والمكان كيفيّاتٌ جمعية متأصّلة، متواصلة بدرايةٍ أم لا...

هنا، في أماكننا الصيفيّة، سرَتْ رجفةٌ صاخبةُ المنايا، تلفّتنا حوالينا بدهشةٍ واستغراب، بألفِ ألف سؤالٍ وسؤال في الثانية الواحدة.
كانت عقاربُ السّاعةِ تُشيرُ للسادسة والنصف عصراً على وجه التقريب، لكنَّ عصفاً ضرب الأرجاء، وخيّمَ في فضاء بيروت ألوانٌ لم نعهد لها مثيلاً؛ فامتثلنا لإراقةِ دمِنا وإزهاق أرواحنا، غير مبالين بتساقط الزجاج وقضبان الألمنيوم، كما لو تسحبنا إليها تلك السحابةُ المتخذةُ شكل الفطر.
لكنّه، ليس موسم الفِطر، ولسنا في عيد الفطر السعيد، بل نحن في عيد الأضحى المبارك، في عيد الجيش اللبناني.


التكوين، هذا الرحب المعجوق العقائد، تراجيديا أزليّة، بمثابة صكٍّ، أو عقدٍ يتضّمن إنتاجَ ظهورٍ جماعيٍّ، يُكسَرُ فيه رأس التطوّر، لأجل الإفادة من تعبِ الجسد وعرقه. مجتمعات تعيش على الضغط النفسي والصحي والاقتصادي والاجتماعي، والخوف فزّاعة الوجود، رادارُ أو بارومتر البورصات التشاركية الدولتية، تتولّد فيها جماعات الفشل الجمعي، وأية نظرةٍ نقدية، ليست بذي أهمية، هي أشبه بكلاشيه دعائي، إعلانٌ غير بريء، يحتوي غرضيةَ التعريةِ البشعة، الفظّة والوقحة.

... لكَم يغلبُ الأسى المشحون بالغضب على مشهدية العالم برمّته، لكم يغلب التوجّد والقلق. وقائع الكراهية تُغلِّب قوانين العبودية، تفضح سوداوية العقل الأبيض المأزوم، حتى لنكاد نُصدّق بتفوّقه وذكائه وعبقريته. عبقريةٌ تفتّقت عن أساليب مهينة من قرون الرِقِّ والاستبداد والعبودية، تجارة رائجة منذ العهود الأولى والأزمان لقيام الإمبراطوريات.. تلك التي تموت، وتسقط من الداخل، لظلمها وغطرستها وإجرامها.


... الماضي سيفُ ذاتهِ، براري من الفيروسات الذكية، وهي ذكية، متحوّلة. الماضي، مخيالُ روايتنا، لا نمتلك تغيير وجهته، هو دائماً في غير شأن، هو في الماضي عنّا، يتركنا لنصنعَ مادتَهُ، يفوتنا، نواجهُ ما فعلَ غداً فحسب...

هل يُعقَلُ مشهدُ التدافعِ والتضارب، الصراخ والهستيريا، التي اجتاحت "مولات" العالم "الغربي"، لأجل ورق الحمام "التواليت"...!!
على المستويين الفردي والجمعي، للمسألة، شِقّان، الأول، حاجة المجتمعات بعامّةٍ للورق المُستخدم، في الشخصي منه، وفي المطبخ والحمام، والغربي بخاصّة، والخاصيّة انبناءٌ في اللاوعي، يقوم على أفهوم الإستخدام اليومي، في العادات والتقاليد والواجبات. هنا يقع الشقّ الثاني، والمرتبط أيضاً بعادات الغسل والنظافة لدى المشرقيين بانتماءاتهم كافّة.

الصفحة 6 من 9