قرن وعام من عمر الراية الحمراء
قرن وعام مروا منذ أن خرجت الفكرة من رحم الجوع والظلم، فوقفت بوجه المستعمر أولاً، تشعل الكلمة في وجه البندقية، وتحمل راية الاستقلال لا بوصفها شعاراً، بل فعل تحرير حقيقي للأرض والإنسان.
كانت سنة 1924 هي صرخة التحرّر في وجه الظّلم على يد شعوبٍ متمرّدة نادت بالعدالة الاجتماعيّة، حيث وُلِد حزبٌ عملاق تحت عنوان الحزب الشيوعيّ اللبنانيّ، من رحم الفقراء والكادحين، ومن وجع المعاناة في مواجهة الاستغلال الطبقيّ.
  في زمنٍ تتبدّل فيه الوجوه، وتتهاوى الشعارات، وحده الحزب الشيوعي اللبناني الصّوت الذي لا يخفت.
  عندما كنت أملأ استمارة انتسابي للحزب الشيوعي اللبناني، كان السؤال الأخير عن سبب انتسابي. وهو سؤالٌ وجيه: لماذا تريد الانتساب للحزب الشيوعي اللبناني؟ مين جابرك؟ من سيئات الانتساب: ١- لن يقدّم لك الحزب أي خدمات؛ بل على العكس، أنت من عليك أن تقدم له. ٢- إذا أردت السفر، قد يعيقك انتسابك. فعلى الأغلب، عندما تتحقق الدولة من خلفيتك، لن تتحمّس لاستقبال شيوعي. ٣- هناك أكثرية تنظر إلى الفكر الشيوعي كأنه بعبع، يتّخذ حياله طقوسٌ أشبه بتلك المستعملة لطرد الأرواح الشريرة في أفلام الرعب. ٤- هناك شريحة أكبر تعتبر أن الفكر الماركسي-اللينيني ديناصورٌ ولّى زمنه، وأن "إكرام الميت دفنه." من حسنات الانتساب: ١- صرت منتسباً. مبروك! سؤالٌ وجيه.. لماذا تريد الانتساب للحزب الشيوعي اللبناني؟ لأني أريد أن أنتظم مع الرفاق. أريد أن أقابل الرفاق. أريد أن أنتمي. منذ أن انتسبت في أيار ٢٠٢٤، جلست وتكلمت مع سبعة رفاق، أحدهم صديق لي جلبته معي للانتساب، فلنعتبرهم ستة. عدد الجلسات التي حضرتها هي خمس، والمجموعات على الواتساب التي أُدخلت فيها ماتت فعلياً. لم يتحدث أحد فيها منذ شهرين، بل وحتى قبل ذلك لم تكن هناك حركة تذكر. كلّفت بمهمة واحدة، لكن بسبب عملي ودراستي لم أستطع أن أخصص لها وقتاً كافياً. وإضافة إلى ذلك، لم أجد في داخلي الدافع الذي يحمسني لها، ففشلت فيها فشلاً ذريعاً. وعلى الأغلب، الرفيق الذي كلّفني بها ينظر إليّ الآن نظرة سلبية. لماذا تريد الانتساب للحزب الشيوعي اللبناني إذن؟ لأني وجدت في الإيديولوجيا الماركسية-اللينينية عقيدتي. وقد يعترض البعض على استخدام كلمة "عقيدة" هنا، ولكن، بصراحة، لا أجد كلمة أخرى توازيها في الوصف. في معجم المعاني، وجدت تفسيران يوضحان ما أعنيه: · الحُكْمُ الذي لا يُقْبَلُ الشكُّ فيه لدى معتقِدِه. · ما عقد عليه القلب واطمأن إليه. هذا بالضبط ما أعنيه. ولكن، كيف يمكن لكلمة "عقيدة" أن تنطبق على فكرٍ مبني على المادية، على التشكك، على معاداة ما هو "مطلق" وما يتجرأ على التربع في موقع الحقيقة الدائمة؟
  "بناء الاشتراكية مهمة تاريخية ضرورية وحتمية لتحرير" الطبقة العاملة من قيود الاستغلال والظلم" فلاديمير لينين
  في يوم الشهيد الشيوعي، من حقّ الشيوعيين والاصدقاء، أن يفخروا بحزبهم وشهدائه. فقد استشهد هؤلاء الابطال في مواقع النضال الوطني والاجتماعي ، ومقاومة المحتل لتحرير الوطن الذي لا ينفصل عن تحرير المواطن والمجتمع من الظلم الإجتماعي . فهم لم يكونوا شهداء الصدفة .. ولا ينتظرون مغريات ومواقع لهم .. فحزبهم بالأساس، هو في موقع المعارضة الجذرية لنظام الطائفية والفساد والزبائنية والمافياوية.. وهم ليسوا موعودين بحياة أخرى في غير هذا الكوكب ، مع ما تنطوي عليه من خيال ورغبات .. فتضحياتهم بحياتهم هي ليحيا الوطن حراً .. ولتوفير حياة كريمة لشعبنا وفقرائنا .. وهذا ما يضفي على استشهادهم قيمة مضافة سامية أكبر .