د. كمال حمدان لـ «النداء»: يجب التوقف عن سداد الديون والتفاوض لإعادة جدولتها

تتزامن أزمة لبنان المالية والاقتصادية مع استحقاق تسديد ديون خارجية (اليوروبوندز) بقيمة مليار و200 مليون دولار في التاسع من آذار المقبل. ويتابع لبنان وسط فوضى عارمة تكرار سيناريوهات السياسات الاقتصادية المتبّعة منذ سنوات طويلة والتي أوصلت البلد إلى مستوى غير مسبوق من الانهيار.

والسؤال الأساسي اليوم هل يتخلّف لبنان عن دفع ديونه الخارجية التي أرهقت البلد وأتبعته وأدّت إلى تفاقم أزمته المالية والاقتصادية؟
وككلّ الاستحقاقات في هذا البلد، يبرز تباين في وجهات النظر حول ضرورة دفع سندات اليوروبوندز أو التخلّف عن سدادها. فهنالك من يحذّر من خطورة التخلّف، فيما يتبنّى عدد من الخبراء الاقتصاديين وجهة نظر راديكالية تدعو إلى التوقّف عن سداد هذه الديون.

في المقابل، صرّح وزير المال غازي وزني أن الحكومة طلبت مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي، فيما يرجّح الاتجاه إلى إعادة هيكلة الديون الخارجية وجدولتها.
أما جمعية المصارف فحذّرت في بيان أصدرته من خطورة تخلّف لبنان عن سداد الديون، في الوقت الذي يسري فيه الحديث عن تقلّص حجم القطاع المصرفي وعن الاتجاه إلى دمج بعض المصارف بسبب عدم قدرتها على الاستمرار.
وتجد الحكومة الجديدة نفسها أمام تحدّيات كبيرة خصوصاً في ظلّ تدهور اقتصادي متسارع وأزمة سيولة متفاقمة وتراكم في الدين العام الذي وصل إلى نحو 90 مليار دولار، أي ما يزيد عن 150 % من إجمالي الناتج المحلي.

وحول أهمية هذا الاستحقاق وتفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، طرحت مجلة «النداء» على المدير التنفيذي لمؤسسة البحوث والاستشارات الخبير الاقتصادي د. كمال حمدان، تساؤلات عدة باتت تشكّل هواجس لدى اللبنانيين.

1- في الآونة الأخيرة كثُر الحديث عن سندات الخزينة اللبنانية بالعملات الأجنبية المعروفة باليوروبوند، فماذا يعني هذا المصطلح؟

اليوروبوند هي بصورة عامّة سندات دين بالعملة الأجنبية تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها، وتوفّر عائداً للمستثمرين مقابل مخاطر غالباً ما تتحدّد في ضوء المخاطر السيادية الصادرة عن مؤسسات تصنيف دولية مختصّة. والسندات هي أوراق مالية ذات قيمة معيّنة وتستحقّ في آجال محدّدة، وهي أحد أوعية الاستثمار. والسند عادة هو عبارة عن ورقة تقرّ بأن مالك السند دائن إلى الجهة المصدُرة للسند، سواءَ كانت حكومة أو شركة. وبالرغم من أن إسم السند يحمل كلمة يوروبوندز، إلاّ أن لا علاقة مباشرة له بالعملة الأوروبية (اليورو) بل هو محرّر بعملاتٍ أجنبيةٍ، وفي طليعتها الدولار الأميركي.

2- ماذا عن زيارة الوفد الفني لصندوق النقد الدولي وما هي تبعات هذه الخطوة؟

نحن على موعدٍ وشيكٍ في التاسع من آذار المقبل لتسديد استحقاق سندات يوروبوندز بقيمة 1.2 مليار دولار، وقد طلب لبنان في 13 شباط الجاري "استشارة تقنية" من صندوق النقد الدولي للتباحث حول الأوضاع الاقتصادية والمالية اللبنانية عموماً، بما فيها الموقف من تسديد هذه السندات. وبالنسبة إلى هذا الاستحقاق، فإن الوقت يداهم الحكومة التي كان يفترض بها ــ بمجرّد أن نالت الثقة ــ إصدار موقف حاسم يتضمّن التوقف عن سدادِ هذا الدين، وتوجيه الدعوة للدائنين للتفاوض معهم، بحسب ما تنصّ عليه الشروط والأصول المتضمّنة في عقدِ إصدار هذه السندات. وكما هو معلومٌ فإن هذا العقد يعود إلى عام 2010، وهو ينصّ على فائدة نسبتها 6.4% سنوياً، أي ما يوازي نحو 76 مليون دولار كل عام، مما يرفع قيمة الفوائد إلى نحو 760 مليون دولار في السنوات العشر المنصرمة، وهذه الأخيرة تضاف بالطبع إلى أصل هذا الدين.

وبعد فرض الـ capital control (الرقابة على التحويلات) انخفضت الودائع المصرفية وكذلك موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وتعطّلت إلى حدٍّ كبيرٍ قنوات الاستيراد والتصدير في البلد، فضلاً عن تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية. وفي ظلّ وضع غير طبيعي كهذا، كان يجب أن تسرع الحكومة في اتخاذ قرارٍ بالتوقف عن سداد هذه الديون من دون أن تتنكر لحقوق حامليها. فالبلد ليس في وضعٍ يسمح له راهناً أن يدفع من اللحم الحي مليار و200 مليون دولار مما تبقّى له من عملات صعبة، مع العلم أنه سوف يعقبه تسديد حوالي 4 مليارات دولار على مدار ما تبقّى من أشهر العام الجاري في شكل أصول وفوائد.

باختصار، على لبنان التوجّه إلى الدائنين بالقول أن هناك قواعدَ وأصولاً تنظّم العلاقة بين الدائن والمدين في حالاتٍ كهذه، وبالتالي يجب التفاوض على كيفية معالجة تبعات التوقف عن السداد، إمّا عبر إعادة هيكلة الدين العام أو إعادة جدولته، أو عبر حسم نسبة وازنة من الفوائد المتراكمة لدى كبار المودعين، أو عبر خيارات أخرى.

3- لماذا خضعت الحكومة لقرار جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان بالقبول بسداد هذه الأموال في وقتها المحدّد؟

الحكومة الجديدة لم تخضع بشكل صريح لقرار جمعية المصارف ورياض سلامة حتى تاريخه، ولكنها في المقابل تميل نحو إضاعة الوقت في حسم هذه المسألة، وقد تركت المجال مفتوحاً لمدة أسبوعين لـمزيد من المساومات والـ "كباشات" بين من يريد من الحكومة أن تتوقّف عن دفع الدين وبين من يطلب منها الإمتثال لمشيئة كبار الدائنين والمصارف ومن يشدّ أزرهم داخل السلطة.

4- هل يسمح وضع البلد بمزيد من تمرير الوقت الإضافي على حساب المواطن وسط الضغوط الاقتصادية عليه؟

طبعاً لا، وهذه ما انتقده بشدة. إن الوقت ينفذ بسرعة وهناك إجراءات وشروط تفصيلية مسبقة لقرار وقف التنفيذ ينبغي أن تبادر الحكومة إلى اتخاذها. بكلام آخر، إن قرار التوقف عن الدفع كان يجب أن يتخذ البارحة وليس اليوم، واليوم وليس غداً... حتى لا يجري التفريط بما تبقى لدى مصرف لبنان من موجودات بالعملات الأجنبية على تسديد ديون (في شكل أصول وفوائد) ترتّبت عليها معدلات فائدة غير مسبوقة. إن قرارالدفع يعني استنزاف موجودات مصرف لبنان من العملة الأجنبية، وإرضاء الدائنين على حساب المودعين ولا سيما صغار المودعين الذين يتمّ إذلالهم على أبواب المصارف. كما هو يتهدّد في الوقت ذاته مسألة تأمين المشتقات النفطية والأدوية والطحين وغيرها من الحاجات الحياتية الأساسية التي التزم مصرف لبنان ــ حتى تاريخه ــ بتوفير العملة الصعبة التي تحتاج إليها. ثم إذا كانت الحكومة جدّية فعلاً في تحقيق الانتقال من النمط الريعي إلى النمط الإنتاجي، فالأولى بها أن تستخدم العملات الصعبة المتاحة لديها لتوفير المواد الأولية الضرورية للصناعيين وللقطاعات المنتجة القادرة على خلق فرص العمل.

5- ما هو دور وزير المال غازي وزني في هذه المسألة؟

هو يمتلك صلاحيات واسعة كوزير للمال من جهة، وكجزء من الحكومة من جهة أخرى، وبخاصة في ما يتعلق بإدارة علاقة وزارة المال مع مصرف لبنان. لذا عليه أن يحسم أمره بدل أن يكون مجرّد مرآة ينعكس فيها تباين المصالح ووجهات النظر داخل الطبقة السياسية وأطياف الطغمة المالية. فهذا الموقف المتردّد يعزّز إهدار الوقت ويفسح المجال أمام ازدياد ضغط المتربّصين من أصحاب المصالح الكبرى الذين استأثروا بفوائد تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات من الإصدارات المختلفة لسندات الخزينة الأجنبية واللبنانية. وهناك اليوم أربعة ملايين مواطن يخضعون للإذلال يومياً لدى مطالبتهم بحقوقهم المشروعة في ودائعهم ولا يحصلون إلّا على مئة أو مئتي دولار من حساباتهم بعد الوقوف في طوابير لساعات طويلة. وفي مثل هذا الوضع المأساوي، ليس مقبولاً البتة أن يتمّ التفريط بمليار ومئتي مليون دولار على استحقاق سندات اليوروبوندز، التي يعود أكثر من ثلثيها إلى شركات مالية أجنبية وصناديق دولية، في حين يبقى كبار المساهمين في المصارف يتمتّعون مع شركائهم الأجانب بكامل الفوائد فضلاً عن أصل الدَين.

6- هل يجب تسديد هذه الديون. وما هي تداعيات التخلّف؟

برأيي، يجب أن لا نتأثّر بعمليات التهويل والمبالغات في هذا المجال. ففي السنوات العشر الأخيرة، سجّل توقف عن الدفع في عشرات البلدان، من بينها قبرص، اليونان، أوكرانيا، إيرلندا، الأرجنتين، بورتوريكو وفنزويلا... فمثلاً، أعلنت الأرجنتين أنها في ظل وجود ركود اقتصادي، لن تدفع "نصف سنت" من ديونها لصندوق النقد الدولي، مقرّرة العمل لزيادة استثمارات الدولة، وبدء التفاوض مع الصندوق...

باختصار، يجب التفاوض على إعادة جدولة سداد الديون. وهناك تجارب مماثلة تعرضت فيها الدول لتضخيم المخاطر من اتخاذها قرار عدم السداد، وبالنهاية الأمور سلكت. والأهم، هو وضع خطة منظمة للتفاوض مع تكييف حقوق الدائنين مع المعطى القائم في البلد، وإلّا نذهب مغلوبين على أمرنا نحو الفوضى الكاملة، مما يسهّل تحوّل "الدعم التقني" الذي نطلبه من صندوق النقد الدولي إلى برنامج يتضمن إجراءات تقشفية لا أوّل لها ولا آخر تطال خصوصاً مصالح العمال والفئات المتوسطة والفقيرة عبر زيادة الأعباء الضريبية غير المباشرة وتقليص مكتسبات اجتماعية كبيرة سواء من ناحية الأجر والتقديمات والتعويض والتقاعد وكافة شروط العمل.
إن استمرار هذه الفوضى سيمهد لهكذا برنامجاً تقشفياً، بحجة أنه ليس لدينا أيّ خيارٍ آخر. وفي مواجهة هذا الخطر، يجب العمل على عدة أولويات ومنها:

أولاً، إلزام الحكومة خلال عشرة أيام بتحديد فجوة الخسائر؛ أي يجب على مصرف لبنان تنفيذ طلب الحكومة إعداد أرصدة الحسابات المجمّعة ما بينه ووزارة المال والمصارف.
ثانياً، الضغط على الحكومة لترجمة أهمّ تعهداتها ذات الطابع الإنشائي (البيان الوزاري، وبيان الحكومة المستقيلة، وتوصيات الخبراء في اجتماع رئاسة الجمهورية...) إلى مجموعة خطط ملموسة ومعدّة للتنفيذ ضمن جدول زمني صارم ومحدّد، وتشمل إعادة صياغة النظام الضريبي وإعادة هيكلة النفقات العامة وجدولة وهيكلة الدَين وخفض مستوى الفائدة على هذا الدَين، ولا سيما الديون المترتبة لكبار المودعين والمساهمين في المصارف...
ثالثاً، توفير كافة الشروط التي تمكّن من استرداد المال المنهوب، انطلاقاً من قواعد المعلومات التفصيلية المتاحة لدى لجنة الرقابة في مصرف لبنان، بعد رفع الحصانة الإدارية والسرية المصرفية عن كل من تعاطى بالشأن العام وكذلك عن كبار المودعين.

إن التقدّم في تنفيذ هذه الإجراءات وغيرها يجب أن يقاس حالياً بالأيام والساعات ويجب أن نفرض على الحكومة تنفيذها ضمن خطة ممنهجة، وتحت الرقابة الفعلية لقوى الانتفاضة الشعبية.

7- ما هو مصير تدهور سعر الليرة اللبنانية؟

العملة المحلية فقدت نحو نصف قيمتها خلال الأشهر الأخيرة، ارتباطاً بالإنكماش الاقتصادي وغياب السيولة المالية وانهيار المصارف وانعدام تدفقات العملة الصعبة إلى البلد، وهي أمور تتحمّل مسؤوليتها الطغمة الأوليغارشية الحاكمة. إن هذا الوضع يتطلب تصعيد الانتفاضة الشعبية، التي تشكّل الأداة الأهم لفرض المعالجات التي تحمي مصالح الشعب وبخاصة الفئات الفقيرة والمتوسطة، بما فيها تأمين سلامة النقد الوطني. وإلّا فإن استشراء الفوضى واستمرار "استصدار" أصحاب المصالح الكبرى؛ من كبار المتمولين وشركائهم في الخارج، لقرارات فئوية خاطئة تخدم مصالحهم الضيّقة والخاصة، سوف يخلق أوضاعاً لا يعود ممكناً في ظلها إيقاف ارتفاع سعر صرف الدولار عند أيّ سقف. فالطريقة الأضمن للحد من تدهور سعر الليرة تجاه الدولار تكمن في استلهام خارطة طريق من الأولويات التي طرحتها الانتفاضة بما يحمي مصالح الفئات المتوسطة والفقيرة ولاسيما من يتقاضون أجرهم بالليرة اللبنانية.

8- ما هي تبعات الاستعانة بصندوق النقد الدولي؟

يعدُّ صندوق النقد الدولي (ضمن البند الرابع) تقارير نصف سنوية حول التطوّر التفصيلي لوضع البلد المالي والمصرفي في لبنان (وفي غيره من البلدان). وطلب الحكومة اللبنانية للمشورة الفنية من الصندوق يجب أن لا يعني ذهاب لبنان إلى المفاوضات حاملاً في جعبته ورقة بيضاء، فنحن لدينا قدرات وخبرات ويجب أن نفرض على الحكومة أن يكون لديها تصوّر واضح ومحدّد تفاوض على أساسه. وبمعزل عن هذه الاستشارة، ينبغي منع الحكومة من الهرولة نحو اعتماد برنامج صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر في جوهره انكماشياً ويطال مصالح فئات وطبقات واسعة من المجتمع اللبناني، بحسب ما أظهرته تجارب سابقة في الكثير من البلدان، حيث انتهى البرنامج إلى فشل اقتصادي ذريع وضاعف تركز الثروة لدى القلّة المتنفذة والفقر والبطالة لدى عموم الشعب... لذا يجب توخي الحذر بشدة من أن تتحوّل مهمة الاستعانة التقنية إلى طلبٍ رسمي بتدخل الصندوق في إعداد برنامج شامل وتقشفي يستند إلى "غياب التصور لدينا"، فيغتنم الفرصة ويفصّل ويقصّر ويطوّل ويقرّر فعلاً ما يشاء. وأولى مهمات الورقة اللبنانية الرسمية تقضي بتحديد الفجوة المالية ما بين مصرف لبنان والمصارف ووزارة المال، لأن فجوة بقيمة عشرين مليار هي غير الفجوة بقيمة مئة مليار، ولكل من هاتين الفجوتين علاجها الخاص. ومتى ما تمّ تحديد الفجوة، يُصار إلى ترجمة أولويات المعالجة إلى خطواتٍ ملموسة وقابلة للتقريش، بحيث يتبيّن ما يمكن تغطيته من هذه الفجوة بالاستناد إلى الجهدِ الوطني والسيادي، وما يجب التفاوض عليه مع الخارج لاستكمال تغطيته.

9- من عليه اتخاذ قرار الحسم؟

الكرة في ملعب الحكومة ووزارة المال ومصرف لبنان ويجب تحديد حجم الفجوة التي هي مثلثة الأضلاع بينهما. وقد طلب وزير المال قبل ثلاثة أسابيع معلومات تفصيلية من مصرف لبنان حول الحسابات المجمعة (Consolidated accounts) ما بين المصرف المركزي والمصارف ولكن لم يحصل عليها أو يعلن عنها حتى الساعة.

10- ما السبب وراء عمليات التستر؟

الحساباتُ موجودة في المصرف المركزي ولكن هذا الأخير يقول أنها تحتاج إلى تدقيقٍ من الالتزام بأيّ مهلة لإنهاء هذا التدقيق، مع العلم أن الوضع لا يحتمل المماطلة، وبسببه جرى تأجيل قرار الحسم، الذي كما ذكرت أعلاه، يتضمن إبلاغ الدائنين قرار التوقف عن التسديد ودعوتهم إلى التفاوض وفقاً للآليات والمعايير المشتملة بقانون إصدار اليوربوندز الذي يعود إلى عشر سنوات عام 2010.

11- كلمة أخيرة للحكومة والمسؤولين؟

الكلمة الأخيرة أوجّهها إلى قوى الاعتراض والمنتفضين كي يجمعوا صفوفهم ويضعوا خارطة للطريق، ويتفقوا على الأولويات ويوسّعوا قاعدة الاعتراض. ويجب الانتباه إلى أننا بتنا نقترب إلى اللحظة التي لم تعد فيها أهداف الانتفاضة تقضي فقط بانتزاع كرسي على طاولة المفاوضات، لأن الطرف الحاكم بات عاجزاً بصورة مطلقةً ويجب بالتالي أن تضع هذه القوى نصب أعينها مسألة التحوّل من مجرد انتفاضة تطلب كرسياً على طاولة مفاوضات إلى مطالبة كاملة وعلنية وصريحة بضرورة تحقيق عملية انتقال سلمي للسلطة، ونقطة على السطر.

12- ألا يجدر لهذه الانتفاضة انتداب ممثلٍ عنها واعتماد اختيار واجهة لتحركاتها؟

سبق وذكرتُ ذلك. أن القاعدة المنتفضة يجب أن تضغط باتجاه خلق إطارٍ مؤسسي ينطق باسمها حول القضايا المطروحة، حتى "لا يكون هناك مئة إيد وإجر". واعتقد آن الأوان بعد أربعة أشهر من الانتفاضة للتقدّم أكثر في عملية تجميع الصفوف وبلورة إطار تنسيقي مشترك والاتفاق على مجموعة أولويات ووضع جدول زمني لتنفيذها. فالخطأ الكبير يكمن في الخوف والتردّد والمماطلة حيال مسألة التجميع والتوحّد.

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 373
`


كاترين ضاهر