برنامج الحزب الشيوعي اللبناني للانتخابات النيابية 2022 "نحو دولة ديمقراطية علمانية.... نحو بناء الاقتصاد المنتج... نحو العدالة الاجتماعية"

مقدمة

يعاني لبنان من أزمة متعددة الأبعاد على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة. فأزمة نظام الطائف وصلت إلى مداها من حيث شلل السلطات التنفيذية والتشريعية بالإضافة إلى خطر التشظي الوطني وخطر التدخلات الخارجية. وعلى الصعيد الاقتصادي، شكّل تفاقم الأزمة النقدية والمالية جزءا من أزمة اقتصادية أشدّ عمقاً وشمولاً، وأبرز عواملها: طغيان الأنشطة الريعية والقطاعات المتدنية الإنتاجية غير القادرة على خلق الوظائف، وانهيار البنى التحتية ووظائف الدولة الأساسية، وغياب التقدم التكنولوجي والابتكار، والتفاوت الكبير في توزّع الدخل والثروة وتراجع العوائد الناتجة من العمل، بالتزامن مع ارتفاع متواصل في كلفة المعيشة. وانتجت هذه العوامل على الصعيد الاجتماعي بطالة وهجرة وتهميشاً خصوصاً بين الشباب، وأضعفت بنسبة كبيرة القدرة الشرائية للعمال والأجراء والموظفين ولمروحة واسعة من الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، التي فرض عليها أن تتحمل بشكل غير متساو – مقارنة بالطبقات الغنية – الأعباء الضريبية وتكاليف خدمة الدين العام ونفقات الصحة والتعليم والنقل والسكن. 

في هذا الإطار، يطرح الحزب الشيوعي اللبناني برنامجاً سياسياً – اقتصادياً – اجتماعياً أمام اللبنانيين وأمام القوى الديمقراطية، التي أعلنت منذ اكتوبر 2019 بأن مرحلة جديدة من العمل السياسي قد انطلقت من أجل التغيير الحقيقي. ويرمي هذا البرنامج إلى تحقيق تغيير عميق وإصلاحات جذرية تنهي استثمار المنظومة الحاكمة للانقسامات الطائفية وما تنتجه من شلل دستوري، وتؤسس لبناء دولة ديمقراطية علمانية واقتصاد يلبي طموحات الشباب والمتعلمين والنساء والطبقة العاملة والفئات المتوسطة المتطلّعة نحو التقدّم والحداثة والعدالة الاجتماعية، بدلاً من اقتصاد تسيطر عليه الاحتكارات والمصارف والرساميل الكبرى المستظلّة بنظام سياسي مذهبي تحاصصي متخلف ورجعي لا يليق بلبنان القرن الواحد والعشرين. إنّ الحزب الشيوعي اللبناني، حزب العمال والأجراء والفقراء وكل ذوي الدخل المحدود، حزب الشباب والنساء والمثقّفين وكل من يؤمن بالتحرر الوطني والتغيير الديمقراطي ويعمل عليه. وهو أيضاً حزب التقدم والتطور وبناء القوى المنتجة؛ حزب الاشتراكية والعدالة الاجتماعية والمساواة؛ حزب الديموقراطية الحقيقية والثقافة والإبداع... وعلى هذا الأساس يطرح برنامجه الانتخابي أمام الطبقات والشرائح الاجتماعية، صاحبة المصلحة في إطلاق مسيرة التغيير والتقدم والتطور.

سمات المرحلة الحالية

أولاً، هي مرحلة ركود اقتصادي طويل الأمد، مترافق مع تراجع الاستثمار العام والخاص وانهيار مصرفي ومالي ونقدي، إضافة إلى ترسّخ التضخم وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية والتراجع القياسي في الاحتياطات الخارجية. ومع تداعيات جائحة كورونا تصبح الأزمة مرشّحة للتحوّل إلى أزمة عامة، من عناوينها مضاعفة إفقار اللبنانيين وزيادة البطالة والتهميش وتهجير الشباب وخفض مداخيل الطبقة العاملة والفئات المتوسطة وتعميق اللامساواة، بالتزامن مع تدهور الخدمات العامة من كهرباء وماء ونقل عام وطرق واتصالات وغيرها.

ثانياً، هي مرحلة العجز المتحكّم بالمنظومة الحاكمة، والذي يجعلها غير قادرة على طرح حلول ناجعة لأزمة القطاع المصرفي والمالي البنيوية. فالمصارف في حالة إفلاس غير معلن، وهي تتحمّل مع مصرف لبنان المسؤولية المباشرة عن تبديد ودائع اللبنانيين ومدخراتهم. ومع ذلك، فإنها فرضت على الحكومة المستقيلة السابقة، بالتحالف مع القوى العميقة المسيطرة على المجلس النيابي، التراجع حتى عن تنفيذ "خطة الإنقاذ" التي تولّت الحكومة نفسها إعدادها، كما فرضت التراجع عن إقرار قانون للرقابة على التحويلات كي تبقى هذه الأخيرة خاضعة لمصالحها الخاصة وسياساتها الاستنسابية. وهي فرضت فوق هذا وذاك المضيّ قدما في تنفيذ أكبر "هيركات" للودائع مستفيدة من تعدّد أسعار الصرف وسعرها في السوق الحرّة.

ثالثاً، هي مرحلة التخبّط الدستوري وعدم قدرة المنظومة الحاكمة على تأمين استمرارية السلطة التنفيذية، ما يؤكد ليس فقط عجز السلطة الراهن عن إعادة إنتاج أدوات الحكم التنفيذية ومعالجة الشلل الذي يطال السلطات الأخرى، بل يؤكّد  أيضاً مدى عمق أزمة نظام الطائف الذي اختزل كل السلطات في أيدي خمسة أو ستّة "زعامات"، وأوصل القوى الطائفية الحاكمة إلى حدّ الاختباء وراء حكومات تكنوقراطية.

رابعاً، هي  أيضاً مرحلة ازدياد الطروحات السياسية والكيانية والدستورية من جانب قوى سياسية وروحية راحت تطرح – وسط استفحال الأزمة وانسداد الأفق الذي تتحمّل تلك القوى مسؤوليته تاريخيا – مسائل جوهرية خلافية وملتبسة أمام الرأي العام، وعلى رأسها قضايا الحياد والمثالثة واللامركزية الموسّعة والفدرلة مما يهدد لبنان بوجوده ومصيره.

خامساً، هي إلى جانب هذا كلّه، مرحلة ارتفاع منسوب التدخلات الخارجية – وبخاصة الأميركية – الآخذة في تشديد الاجراءات العقابية ومحاولة تحميل لبنان أكثر فأكثر تبعات الصراع الدائر في الإقليم، والتحكّم في تشكيل حكوماته، والانحياز إلى جانب الكيان الصهيوني في ترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية وغير ذلك من تدخلات وضغوط.

التغيير الديمقراطي، الاقتصاد المنتج والعقد الاجتماعي الجديد

تظهر تجليّات أزمة الرأسمالية اليوم، كأزمة  عالمية، في تراجع معدلات النمو وازدياد تركز الدخل والثروة في يد القلّة وتسارع انهيار الطبقة العاملة وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى، فضلاً عن ارتفاع حدة التناقضات الطبقية سواء في الدول  الرأسمالية المتقدمة أو في الدول النامية. وفي خضم هذه المرحلة الانتقالية تتفجّر الانتفاضات الشعبية رفضاً لعدم المساواة والتهميش والإفقار والاستغلال في دول عديدة في المنطقة العربية (ومن ضمنها العراق والسودان) كما في أميركا اللاتينية واوروبا.

ولم تكن انتفاضة اللبنانيين في اكتوبر عام 2019 بعيدة عن هذا السياق العالمي، بل هي اتت ردّاً على أزمة الرأسمالية اللبنانية التابعة التي حالت من دون توفير الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لغالبية اللبنانيين. وقد بدأت هذه الانتفاضة كمعركة طبقية بامتياز بين محورين، الأول يجمع القوى والفئات الطليعية من المجتمع من عمال وموظفين وطلاب وراغبين في التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والثاني ينحصر في طبقة الـ1% وأطياف السلطة المتنفّذة ورأس المال الريعي والاحتكاري، والقوى التي تريد بقاء لبنان خاضعا للنظام الطائفي المتخلف. وعبر هذه المعركة الطبقية الواضحة الأبعاد، أفرزت الانتفاضة واقعاً سياسياً جديداً في البلاد، يتوجّب على القوى الحاملة لهذه الانتفاضة أن تحوّله إلى رافعة للتغيير الجذري والشامل في بنية النظام القائم، في مواجهة حقبة الانهيار الاقتصادي والنقدي وعجز قوى السلطة عن استحداث أية حلول جديّة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهنا يرى الحزب الشيوعي اللبناني أن أهداف الانتفاضة لا يمكن أن تتحقق عبر البرامج المجتزأة والفئوية، بل عبر برنامج متكامل وجذري ينهي مرحلة ويبدأ أخرى جديدة من التغيير على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة. 

إن الانتقال من انتفاضة اكتوبر نحو التغيير هو انتقال مبنيّ على إحداث متغيرات عميقة في أسس النظام السياسي – الاقتصادي اللبناني، مما يطرح على الانتفاضة مهمّة تغيير موازين القوى لإجراء التغيير المطلوب والتحوّل إلى ثورة ديمقراطية تتطلّع إلى نزع الهيمنة المزدوجة لرأس المال والأحزاب الطائفية اللذين تحوّل تحالفهما المترسّخ إلى عائق أساسي أمام التقدم وأمام الاستجابة لمصالح القوى الاجتماعية الحيّة في لبنان، وبخاصة العمال والأجراء والشباب. فقد برزت حقائق أساسية تحتم على قوى التغيير اعتبار أن النظام القديم قد بلغ نهايته ولا بدّ من الدفع في اتجاه تغييره وإرساء ديمقراطية حقيقية وبناء الاقتصاد الجديد والعدالة الاجتماعية: 

الحقيقة ألأولى، تفيد بانتهاء نظام الطائف ومرحلة ما عرف بالديمقراطية التوافقية التي انتجت نظام المحاصصة وشلّت الحياة العامة على الصعد السياسية والاقتصادية والتشريعية وكبحت عملية التطور في لبنان.

الحقيقة الثانية، تشير إلى انتهاء النموذج الاقتصادي القديم الذي ترافق مع الحقبة النيوليبرالية على المستوى العالمي، والذي تتجلّى إحدى سماته اليوم في لبنان في بدء افول الفئات الرأسمالية الريعية، مما يبرز الحاجة إلى استحداث نموذج اقتصادي جديد يتولى بشكل أساسي، استناداً إلى النظرية الماركسية، تطوير القوى المنتجة بعد سنين من تراجع القدرات الإنتاجية وتوقف التقدم الاقتصادي.

الحقيقة الثالثة، تعكس انتهاء النظام التوزيعي القديم بشقيه: الشقّ الأول الذي يتولى تحويل المداخيل والثروة من المجتمع والدولة إلى الطبقة الرأسمالية الريعية، عبر أليات استدانة الدولة وتكاليف سداد هذا الدين، والثاني، عبر المحاصصة السياسية والزبائنية، من خلال التوظيف في الدولة وتقاسم السيطرة على المؤسسات والصناديق العامة، والاستئثار بصفقات وعمولات عقود الشراء العام. وهذا ما يستدعي بالتالي بلورة عقد اجتماعي جديد يقوم على أسس العدالة الاجتماعية ويؤمن صعود الطبقات والفئات التي تعتمد في مداخيلها على العمل بدلا من الريع. 

نحن اليوم في مرحلة يموت فيها القديم والجديد لم يولد بعد. من هنا بات وقف هذا المسار المأزوم مهمة وطنية راهنة أمام القوى السياسية التقدمية والديمقراطية وجميع مكونات حالة الاعتراض الوطني والديمقراطي والقوى الطبقية المتقدمة في المجتمع، ومن ضمنها أجزاء من الرأسماليين والبورجوازية الصغيرة والصناعية المنتجة، للسير معاً باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي يطرح الحزب الشيوعي فيه تأسيس عقد اجتماعي تحت شعار "نحو دولة ديمقراطية علمانية.. نحو بناء الاقتصاد المنتج، نحو "العدالة الاجتماعية". وهو يدعو جميع الحلفاء والأصدقاء والهيئات الاجتماعية والمهنية وعموم الشعب اللبناني إلى دعم خطته في هذا المجال.

في التغيير السياسي وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية

 

  • بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، كبديل للدولة الطائفية الفاشلة، دولة تقوم على أساس مشروع سياسي واضح وبرنامج اقتصادي واجتماعي يستند إلى مرتكزات أساسية، أهمّها الآتي:

 

  • قانون انتخابات نيابية عصري، يكون مبدأ المواطنة أساساً جدياً فيه؛ إلغاء القيد الطائفي واعتماد النسبية والدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة.
  • إقرار قانون عصري نسبي للحكم البلدي يعزّز مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإطار المحلي، ويحدّ من استمرار حصر وتركّز معظم الموارد والثروات في قبضة الحكم المركزي.
  • وضع قانون وطني جديد للأحزاب السياسية يتماشى مع عملية التحرّر التدريجي من الطائفية.  
  • بناء القضاء كسلطة مستقلة محصّنة بمهنيتها واستقلاليتها، كبديل لاستمرار رهنه للقوى المسيطرة سياسيا واقتصاديا.
  • مقاربة موضوع حقوق العمال والأجراء والموظفين وعموم المواطنين، كحقوق متوجبة التحقيق، وليس كمنّة من أحد، والانحياز الطبيعي إلى قضايا الفئات الشعبية والفقراء وذوي الدخل المحدود. 
  • إصدار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وقوانين مدنية وعصرية للنقابات والجمعيات ولمفهوم الإقامة والجنسية وقضايا المرأة وغيرها، تحقيقا لمبدأ المواطنة كأساس للانتماء الوطني وتجسيداً له.
  • حريات سياسية واجتماعية، عامة وفردية، مع إعادة توزيع الثروة، وتقديم المصلحة العامة على مصالح رأس المال عبر تأمين حقوق المواطنين في الأجر الاجتماعي والصحة والتعليم والعمل والسكن والنقل العام.

في السياسات الآنية الاقتصادية والاجتماعية

  على السياسات الآنية أن تعمل على وقف تبعات الانهيار النقدي الذي يلف البلاد حاليا عبر: 

  • إجراء جردة حساب شاملة لجميع أصول ومتوجبات الدولة والقطاع المصرفي (الخاص والعام)، مع التشديد على أهمية المضيّ في التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان (وحسابات المؤسسات العامة الأخرى لاحقا) كي يتمّ تقدير القيمة الاجمالية للخسائر، والتأكيد على تحميل عبئها الأكبر للقطاع المصرفي وكبار المودعين الذين استفادوا على مدى سنوات من السياسات المالية والنقدية السابقة.
  • إقرار قانون يضبط حركة رؤوس الأموالCapital Control   من والى لبنان، ويفرض قيودا نظامية عليها ويمنع التحويلات الكبرى إلى الخارج – لا سيما من جانب أطراف السلطة وحاشيتها – ويحصرها بالحاجات التعليمية والمعيشية للطلاب وباستيراد السلع الاستهلاكية والتموينية الأساسية واستيراد حاجات قطاعات الانتاج.
  •  العمل على الغاء جزء كبير من الدين العام بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي في إطار السعي إلى إعادة هيكلة الدين العام، على أن يترافق ذلك مع خفض مواز في قيمة الودائع الكبيرة التي تتركّز في الشطور التي تزيد عن مليون دولار والتي يمتلكها نحو واحد بالمائة من المودعين.
  • من ضمن قانون استعادة الأموال العامة - الذي يجب إقراره وإصدار مراسيمه التنظيمية – يتوجّب العمل على استرداد الثلث المتراكم (المقدّر بنحو 27 مليار دولار اميركي) من قيمة خدمة الدين المتراكمة منذ عام 1993، والذي ثبت أنه ناجم – استنادا إلى دراسات محلية ودولية موثّقة – عن تبعات تطبيق سياسة التثبيت النقدي المستمرّة منذ أوائل التسعينيات والتي ارتدت شكل زيادات مضخّمة وغير مبرّرة في معدلات الفائدة على رؤوس الأموال التي تمّ استجلابها من الداخل والخارج. وتتضمّن عملية الاسترداد اقتطاع نحو 75% من ثلث هذه الفوائد المتراكمة، اي حوالي 20 مليار دولار، لمرّة واحدة من خلال استهداف مصدرين أساسيين: 
  • عشرة مليارات دولار من كبار المودعين، عبر ضريبة استثنائية على أصحاب الودائع فوق المليون دولار، على أن تتدرّج الضريبة بمعدلات تصاعدية بحسب الشطور من15% إلى 25%؛
  •  عشرة مليارات دولار من كبار مساهمي المصارف، 50% منها تعويضا عن قيمة الهندسات المالية المنفّذة بدءا من عام 2016، و50% استردادا لربع الأرباح المصرفية المحقّقة في السنوات العشر الأخيرة. على أن يجري تحصيل هذه الأموال إما عبر تدفقات مالية ونقدية مباشرة أو من خلال تصفية ما يملكونه من موجودات وأصول على الأراضي اللبنانية وخارجها.
  • اقتطاع ما يوازي 7 مليار دولار أميركي (أي ربع الثلث المصطنع من فاتورة خدمة الدين) من  الزعماء الذين تعاقبوا على السلطة منذ 1992، ومن كبار موظفي الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة وكبار المتعهدين لدى مجلس الانماء والاعمار والتكتلات الاحتكارية الكبرى في قطاعات المحروقات والدواء والاسمنت وغيرها، وذلك استردادا لما سطوا عليه من أموال عامة. وتتمّ استعادة هذه المبالغ عبر: 
  • رفع السرية المصرفية عن كل من تعاطى بالشأن العام منذ التسعينات، والتحقيق الشفّاف في مصادر تكوّن مداخيلهم وثرواتهم. 
  • رفع الحصانة عن النواب والوزراء وكبار الموظفين.
  • الزام زعامات قوى الامر الواقع بالكشف عن حساباتهم المصرفية الداخلية والخارجية واسترداد ما سطوا عليه من ثروات غير مشروعة.
  • اجبار المصارف المستفيدة من الهندسات المالية المتعاقبة، خصوصا منذ عام 2015، على اعادة ما استولت عليه من أموال عامة.
  • افصاح مصرف لبنان عن تفاصيل تسوية اوضاع المصارف المتعثرة منذ التسعينات والكشف الصريح عمّا نجم عن هذه التسوية من تكاليف تمّ سحبها عمليا من المال العام.
  •   كشف وبتّ ملفات المستفيدين من الاستيلاء على الأملاك العامة، وبخاصة الأملاك البحرية والنهرية، والمشاعات في بيروت والمناطق.
  • كشف وبتّ الملفات المتراكمة في خزائن النيابة العامة المالية المتعلّقة بعمليات السطو عل المال العام ( الانترنت، الخليوي، الاتصالات، الجمارك ...).
  • فتح ملف التكتلات الاحتكارية الكبرى التي تحتضن بأشكال صريحة أو ملتوية زعماء الطوائف وحيتان المال، والتي تشمل ميادين استيراد الغذاء والطحين والمحروقات والادوية وانتاج وتوزيع الاسمنت وغيرها.
  • الافصاح عن المخالفات في التصرّف بالأموال العامة في الصناديق المختلفة، لا سيما صندوق المهجرين ومجلس الجنوب ومجلس الانماء والاعمار.
  • كشف كل الذين استفادوا بشكل غير قانوني من برامج الدعم الحكومي المتعدّدة الأشكال. بمن فيهم المستفيدون غير الشرعيين من قروض الاسكان المدعومة، لجهة تعدّد القروض للمستفيد الواحد وتجاوز السقوف المحدّدة لكل قرض.
  • اجبار المؤسسات العامة والمصالح المستقلّة على الاعلان عن حساباتها المالية التفصيلية وارصدة ارباحها وطريقة تصرفها بهذه الارباح.
  • كشف كل المتورّطين في ملف جمع ومعالجة النفايات وبخاصة في سوء ادارة الصندوق المستقل للبلديات.
  • الشروع في تغيير منظومة السياسات الاقتصادية المعتمدة منذ عام 1992، وترجمة هذا التوجّه عبر مواقف واجراءات تؤكد للأسواق والعملاء الاقتصاديين أن تلك المرحلة انتهت ولن يعود لبنان إليها. والمهمّة الأساسية في هذا الإطار تقضي بتقويض أساس النموذج القديم القائم على الاستدانة الحكومية وتراكم الرأسمال الريعي الناتج عنها، بعدما أفضى الإنفاق العام الكبير وغير المنتج الذي حصل منذ بداية التسعينيات - بالتزامن مع خفض الضريبة على الرأسمال - إلى تراكم الدَّيْن العام وأعبائه على عموم المواطنين من جهة وتركّز الثروة لدى القلّة من جهة أخرى. ومن دون هذا التعديل، لا طائل من المراهنة على أي  سياسات ولا فائدة من الاتّكال فقط على النموّ أو على التدفّقات الخارجية.
  •  استحداث خطة انقاذ اقتصادية واجتماعية في مواجهة أزمة الكورونا التي أكّدت أن النموذج الاقتصادي النيوليبرالي الذي اتبع في العقود الأربع السابقة قد فشل في تحقيق التعاقد المجتمعي وزاد الفوارق الاقتصادية والاجتماعية واضعف النظم الصحية والتعليمية التي تشكل العصب الرئيسي لقوة المجتمع. 

في دور الدولة في الاقتصاد

اتجهت النيوليبرالية في العالم نحو الأفول فعلياً بعد أزمة النظام الرأسمالي عام 2008. وهذا التوجّه آخذ في التبلور  أيضاً من خلال السياسات الجديدة المتبعة راهناً حول العالم، وبخاصة في خطط بايدن الجديدة، وكذلك من خلال ادراك عدد كبير من الاقتصاديين بأن الاقتصاد الخاص لا يمكنه أن يعمل بكفاءة من دون دور كبير للدولة في رفع مستوى الطلب الكلي والاستثمار في الاقتصاد ككل. وهذا ما ينسحب  أيضاً على النمط اللبناني من النيوليبرالية، الذي اتجه نحو السقوط بعد اكتوبر 2019 نتيجة إضعافه لقاعدة النمو وتقليصه للإنتاج الصناعي والزراعي وتعزيزه لسيطرة الاحتكارات والأنشطة الريعية والاستيراد الاستهلاكي وإخاله بالتالي لبنان في اعمق ازمة اقتصادية في تاريخه. ويطرح الحزب على نفسه في هذه المرحلة الانتقالية العديد من المهمّات، وأبرزها:  

  • العمل على استرداد دور الدولة الفاعل وتأكيد ملكيّتها لمرافق عامة أساسية في الاقتصاد، كالكهرباء والاتصالات والمياه والطاقة، عبر امتلاك رؤية اقتصادية بعيدة المدى وإعادة الاعتبار للموازنة العامة والاستثمار الحكومي في تطوير وصيانة شبكات المرافق العامة والبنى التحتية واستخدام قانون عصري للشراء العام، بحيث تغطي هذه الشبكات بصورة متوازنة المناطق اللبنانية المختلفة. هذا بالإضافة إلى توفير الخدمات المجتمعية الأساسية كالصحة والتعليم الرسمي العام والعالي (الجامعة اللبنانية) والنقل العام وأنظمة الرعاية الاجتماعية والتقاعد وضمان البطالة ودعم ذوي الحاجات الخاصة لتمكينهم من الاستمرار والانتاج.
  • العمل على اعادة هيكلة النفقات العامة وإنهاء حقبة الأنفاق التوزيعي لنظام الطائف ووقف توجيه الموارد الحكومية نحو تمويل قنوات الانفاق السياسي الزبائني والقنوات المباشرة وغير المباشرة التي تدعم القطاع الخاص عبر تقاسم المنافع وعلاقات المحاباة، وسط غياب سياسات واضحة المعالم وضوابط في القطاعات المختلفة. فقد استسهلت الدولة توكيل القطاع الخاص بإنتاج خدمات عامة - وفي كثير من الأحيان عبر شبكات مصالح طائفية واحتكارية – مقابل تكفّلها بتمويل هذا الإنتاج، والأمثلة كثيرة على ذلك: الاستشفاء في المستشفيات الخاصة على حساب وزارة الصحة، والتعليم الخاص المجاني الذي يدار معظمه عبر مؤسسات طائفية، وتعليم أبناء موظفي الدولة في المدارس والجامعات الخاصة بتمويل من الخزينة، و"تهريب" إنتاج وتوزيع الكهرباء إلى أصحاب المولدات الخاصة، وكذلك "تهريب" إنتاج وتوزيع خدمات المياه إلى أصحاب الصهاريج، وتلزيم معظم أعمال الرعاية الاجتماعية إلى مؤسسات خاصة طائفية، وتحويل جزء من خدمات النقل العام إلى القطاع الخاص عبر بدعة "بدل النقل" للعاملين النظاميين، وغير ذلك من أمثلة. من هنا، يجب تصحيح هذا الخلل في الانفاق العام كي يصبح انفاقا اكثر كفاءة وعدلا ومبنيا على اسس اقتصادية واجتماعية واضحة.
  •  إقرار قانون المنافسة ومكافحة الاحتكار الذي يقبع منذ نحو عقدين في دهاليز المجلس النيابي ولجانه، وإنجاز مراسيمه التنظيمية بما يحدّ من سيطرة المجموعات الاحتكارية على الأسواق الداخلية وأسواق الاستيراد، وذلك بالتزامن مع تعديل قانون التمثيل التجاري، وإصدار المراسيم التنفيذية لقانون حماية المستهلك وقانون سلامة الغذاء.
  • مكافحة الفساد المتأصّل في نظام المحاصصة الطائفية، سواء في التوظيف الزبائني داخل الدولة الذي يجب الغاؤه، أو في تقاسم الصناديق العامة وعمولات الصفقات العمومية التي يجب الغاؤها  أيضاً . وفي هذا الإطار، ينبغي إقرار القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء، ورفع الحصانة عن كل من يتولى الشأن العام في الحكومة والمجلس النيابي والإدارات العامة، وتمكين القضاء العادي من محاسبة الارتكابات والمخالفات الإدارية والمالية وإنشاء هيئة وطنية ذات صلاحيات تنفيذية وقانونية تشمل دراسة الملفات ورفع السرية المصرفية وتقديم المرافعات القضائية إلى القضاء المختص.
  • إعادة صياغة  مجمل عناصر سياسة الحماية الاجتماعية، وبخاصة: تعزيز وتطور دور الهيئات الضامنة لا سيما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يجب أن تتوسّع مروحة المنتسبين اليه، ويستبدل فيه نظام تعويضات نهاية الخدمة بنظام وطني للتقاعد، كما يستحدث فيه فرع لضمان البطالة؛ إقرار مشروع التغطية الصحية الشاملة للمقيمين من اللبنانيين، على أن يتمّ تمويل هذا المشروع من المال العام وليس من نظام الاشتراكات؛ العمل الجاد على تحسين جودة التعليم الرسمي خصوصا في مرحلتي التعليم الابتدائي والعالي (الجامعة اللبنانية)، بما يشمل البرامج والمواد التعليمية وطرق التعليم وإعداد وتطوير قدرات المعلمين، مع التأكيد على استقلالية الجامعة اللبنانية ومنع تدخل رجال السياسة في تفاصيل عملها اليومي؛ إعادة صياغة مجمل الاطر الوظيفية الناظمة لعمل لجنة المؤشر مع إضفاء طابع دوري ممأسس على عملية تصحيح الأجور في القطاع الخاص كلّما تراجعت القيمة الحقيقية للأجور بنسبة معيّنة.

خطة للاستثمار في البنى التحتية

  • إن إعادة تشييد البنى التحتية سيكون لها ألأثر الإيجابي البالغ على الإنتاجية والتوظيف في الاقتصاد. وعلى الدولة أن تكون هنا  أيضاً ريادية في هذا المجال على أن يتبعها، اذا ما دعت الحاجة، انفتاح على شراكة مع القطاع الخاص أو مع استثمارات خارجية في مجالات معيّنة تحدّدها الدولة وفقاً لمعايير،  بدلاً من الاستمرار في سياسة الانتظار التي كلفت الاقتصاد اللبناني الكثير من الفرص الضائعة. 
  • إعادة بناء مصانع الكهرباء وتحديث قطاع الطاقة مع السعي إلى الاستحصال على قروض قليلة الكلفة من بلدان صديقة لتمويل الاستثمار في هذا القطاع. وامتلاك واستعمال التقنيات الحديثة اللازمة لتسريع انتقال المعامل من استخدام المحروقات السائلة الباهظة الكلفة إلى استخدام الغاز الأقل كلفة وضرراً بالبيئة، واستعادة كهرباء لبنان لأعمال الجباية وتقديم الخدمات، وصولاً إلى توفير الكهرباء بشكل مستدام للمواطنين، وإقفال ملفّ المولدات الخاصة الشديد الكلفة اقتصادياً وبيئياً. وإلى ذلك، تشجّيع الاستثمار العام والخاص في تطوير تقنيات الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها. هذا بالإضافة إلى حصر استيراد النفط ومشتقاته بالدولة مباشرة من دون المرور بشركات الاستيراد.
  • تحديث وتطوير شبكات الاتصالات والانترنت ورفع مستوى تغطيتهما وجودتهما، وتخفيض الأسعار والرسوم الي تنتزعها وزارة الاتصالات لصالح خزينة الدولة، في شكل ضرائب مستترة وغير معلنة.
  • بناء شبكة عصرية ومتطورة للنقل العام تحلّ معضلات الازدحام اليومي، وارتفاع كلفة النقل الخاص والتلوّث الناجم عنه، ما يستدعي إطلاق مشروع ضخم لبناء شبكات من القطارات والمترو والحافلات العامة المنتظمة بين كافة المناطق اللبنانية، مع ما تحمله من أثر إنمائي  أيضاً.
  • التعامل مع الثروة النفطية والغازية، لا بصفتها مورداً مالياً وريعياً فقط، بل كرافعة أساسية للتنمية الاقتصادية، وبخاصة الصناعية منها، وكأداة فعلية للتنمية الاجتماعية وتوطين واستيعاب التكنولوجيا.
  • وضع خطة شاملة لمعالجة الآثار البيئية والاجتماعية الناجمة عن تفاقم مشاكل المياه والكسارات والمرامل والمكبات العشوائية وجمع النفايات وشبكات الصرف الصحّي، مع وقف كافة الاعتداءات على الأملاك البحرية والنهرية العامة والخاصة

سياسة صناعية جديدة

يعاني الاقتصاد اللبناني من الشلل على المستوى الإنتاجي. وتتطلب مواجهة هذه المعضلة أكثر من الاعتماد فقط على "تحسين بيئة الأعمال" وقوى السوق الحرة، لأن هذه القوى نفسها هي التي تعيد إنتاج الاقتصاد نفسه عاماً بعد عام من دون أي تغيير في بنيته. المطلوب اليوم تدخّل "أداة" من خارج الأسواق وذلك من أجل تحويل جزء من الفائض الاقتصادي الذي يذهب اليوم إلى القطاعات المالية والخدماتية والتجارية والريعية ويستخدم في تكديس الثروة لدى القلة، نحو إعادة بناء البنى التحتية من كهرباء واتصالات وشبكات صرف صحي وطرقات ومياه بالإضافة إلى حلّ مشكلة النفايات والمحافظة على البيئة الطبيعية ودعم القطاعات الإنتاجية وتحفيز الشركات المنتجة التي توظف المهارات العالية وخريجي الجامعات. ويطال هذا التحول جميع القطاعات المنتجة الصناعية والزراعية بالإضافة إلى قطاعي التكنولوجيا العالية والسياحة. وهذا الأمر يجب أن يتم عبر سياسة صناعية حديثة تُمَوّل جزئياً من خلال "استغلال" القطاعات الريعي، وذلك باستعمال النظام الضريبي وفرض ضرائب على المصارف والريع العقاري وعلى مداخيل اللبنانيين في الخارج فضلاً عن استحداث ضرائب جديدة على الثروة كما على توريث الثروات الكبرى. والضريبة على الثروة ستساعد ليس فقط على زيادة "جرعات ذات مضمون اشتراكي" في الاقتصاد اللبناني وإنما ستساعد  أيضاً على تعزيز جرعات الابتكار. فالمزيد من المساواة يعني المزيد من الابتكار وزيادة الإنتاجية. إننا إذاً امام الحاجة الماسّة إلى سياسات جديدة تعزز الاتجاه نحو بناء وتعبئة الفائض الاقتصادي وتوجيهه نحو تشييد بنية اقتصادية جديدة. 

وفي الوقت الذي يجري فيه هذا التحوّل في المرحلة الانتقالية، يتمّ التحضير بشكل حثيث لمرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة "تغيير البنية الاقتصادية" التي تلقى جانباً النموذج الاقتصادي القديم وتستبدله باقتصاد ديناميكي إنتاجي وعصري يؤسّس لتطوير القوى المنتجة بشكل كبير. ويطرح هذا الانتقال من القديم إلى الجديد تحدّيات كبيرة على اللبنانيين تنبغي مواجهتها في العديد من المجالات: تحديد الميزات النسبية للاقتصاد اللبناني في عالم (عربي واقليمي ودولي) متغيّر، وتأمين الشروط الملموسة للانتقال إلى النشاطات الاقتصادية المعنية بهذه الميزات، وتوفير مصادر التمويل الاستثماري المحلية والخارجية التي يتطلّبها هذا الانتقال، وتهيئة القوى العاملة للتفاعل الايجابي مع عملية إحلال نشاطات اقتصادية جديدة مكان النشاطات السابقة، وبناء الأطر المؤسسية الرسمية والخاصة التي تحتضن وتواكب هذه التحوّلات، وغير ذلك من تحدّيات. ولا شكّ في أن الشعب اللبناني سوف يجد نفسه مطالبا ببذل جهود وتضحيات كبيرة وبقبول تبعات توزيع وتقاسم المنافع والأعباء المرتبطة بمسار التحولات المطلوبة والمتوقعة.

سياسة زراعية جديدة

ان القطاع الزراعي في لبنان قد تراجعت حصته من الناتج المحلي خلال فترة السياسات النيوليبرالية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ 1992. كما أن الأزمة الأخيرة وارتفاع سعر الدولار قد وجه ضربة قاسية للقطاع من حيث ارتفاع كلفة المواد لأولية والآلات والتكنولوجيا المستخدمة في الزراعة، بالإضافة إلى تفاقم أزمة التصريف الداخلي والخارجي. في هذا ألأطار، فإن استحداث سياسة زراعية جديدة تعتمد على الاستعمال ألأمثل للأراضي والموارد يتطلب تدخل الدولة الفاعل في القطاع الزراعي. وتعتمد هذه السياسة على دعم الدولة لأسعار المدخلات في الزراعة ودعم المكننة واستخدام التكنولوجيات الحديثة وترشيد الإنتاج الزراعي نحو الأنشطة ذات القيمة ألمضافة ألأعلى والقابلة للتصدير والمنافسة. كما على السياسة الزراعية الجديدة  ترشيد عملية انتقال المنتج من المزارع إلى المستهلك عبر تفكيك سلاسل الوساطات التي تستحوذ من خلالها القلة على القدر الأكبر من القيمة المضافة على حساب المزارعين. 

في النظام الضريبي

يحتاج الاقتصاد اللبناني إلى نظام ضرائبي جديد يطال أساساً الثروات والأرباح، ويؤمن للدولة المداخيل التي تسمح لها بتمويل وظائفها الأساسية وخدماتها العامة، بدل التخلي عن هذه الوظائف لكبار الرأسماليين عبر الخصخصة أو عبر ما يسمى "الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص"، الذي يخفي مطامع الاستيلاء على الأملاك والأصول العامة التي ينبغي أن تبقى ملكيتها للشعب. ومن دون إدخال تعديلات جذرية على النظام الضريبي والنفقات العامة، لن يكون ممكنا تنفيذ أيّ خطّة للإنقاذ والنهوض الاقتصادي تستجيب فعلا للاحتياجات المعيشية الأساسية للشعب اللبناني في زمن الأزمة.  إن المدماك الأساسي في تعديل النظام الضرائبي الحالي، تحقيقا لعدالة ضريبية أكبر وتوسيعا للوعاء الضريبي، يجب أن يتضمّن:

  • فرض ضريبة تصاعدية موحّدة على جميع مصادر الدخل،
  • رفع معدل الضريبة على شركات الأموال إلى 30%،
  • وضع ضريبة تصاعدية على الفوائد المصرفية بدءا من 7% وصولا إلى 15% ،
  • وضع ضريبة 2% على الثروة الصافية للأفراد فوق المليون دولار،
  • تعديل ضريبة الانتقال بحيث تصبح ذات معدل مسطح واحد يبلغ 45% (مع شطر اعفاء يبلغ 1 مليون دولار، بما يعفي عمليا الاكثرية الساحقة من الفئات الاجتماعية المتوسطة وما دون المتوسطة خصوصا في الأرياف من هذه الضريبة بخلاف ما هو قائم اليوم)،
  • التطبيق الفعلي للغرامات على الإشغالات غير القانونية للأملاك البحرية، بعد تصحيح قيمة الغرامات وربطها بتطور أسعار العقارات بدءا من عام 1992، 
  • رفع الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات إلى 18%،
  • فرض ضريبة على أرباح البورصة والأسواق المالية،
  • فرض ضرائب على الربح العقاري وعلى مداخيل العاملين في الخارج وإخضاع الأوقاف العائدة للمؤسسات الدينية للضريبة والغاء الاعفاءات الضريبية لشركات الهولدينغ وشركة سوليدير وكذلك "الاعفاءات التأجيرية" الممنوحة للكثير من مستخدمي املاك الدولة ووقف قنوات التهرب الضريبي عبر الشركات القابضة وغيرها.

إن هذا الاصلاح الضريبي الجديد  لن يؤدي فقط إلى زيادة حصة الضرائب على الثروة والمداخيل العالية والأرباح، إنما سيتيح  أيضاً تحصيل واردات متراكمة للدولة في السنوات العشر المقبلة بما يقدّر بمليارات الدولارات، والتي يمكن استعمالها في الاستثمار في البنى التحتية وتحديث بنى الإنتاج التي تنهار حالياً. إن هذا الاقتطاع الضريبي لن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد، كونه يتمّ غالباً على حساب الشطور العالية من المداخيل والثروة التي تتكدس بلا طائل أو تنفق على الاستهلاك الكمالي المستورد. في المقابل فان اقتطاعها ثم استخدامها في الاستثمار العام سيكون له تأثير مضاعف في تفعيل الاقتصاد وخلق فرص العمل ورفع الانتاجية بالإضافة إلى خفض الفائدة كنتيجة لخفض الدين العام، مما سيكون له  أيضاً وقع ايجابي على الاستثمار الخاص. 

في سياسات المصرف المركزي

بعدما تأكّدت مسؤولية المصرف المركزي في إنتاج الأزمة الاقتصادية والنقدية، فإنه من المطلوب جعل سياسات مصرف لبنان أكثر استقلالاً عن المصالح الخاصة للنواة المصرفية الاحتكارية الضيّقة، وأكثر توافقاً مع مصالح الشعب اللبناني بالاستثمار المنتج والتوظيف في التطور الاقتصادي، ويكون ذلك عبر:

  • إلزام مصرف لبنان بنشر دوري، وعلى الأقل سنوي أو نصف سنوي، للحسابات النظامية المفصّلة لأرباحه وخسائر؛
  •  إخضاع سياسات المصرف المركزي للمحاسبة الديمقراطية من قبل مجلس النواب عبر جلسات استماع دورية للحاكمية أمام اللجان المشتركة المعنية بالمال والاقتصاد؛
  • تشريع الشفافية في عمل المصرف المركزي عبر إلزامه بنشر محاضر جلسات المجلس المركزي ليطّلع النواب والرأي العام على كيفية إدارة السياسة النقدية من جانب مصرف لبنان؛
  • تعديل المادة 70 من قانون النقد والتسليف بحيث تضاف أهداف النمو الاقتصادي والمحافظة على درجات عالية من التوظيف في الاقتصاد من حيث هي أهداف مستقلة تتساوى مع هدف المحافظة على قيمة النقد الوطني؛
  • إعادة تدقيق كل النصوص والمواد الواردة في قانون النقد والتسليف التي استخدمتها حاكمية مصرف لبنان كستار لتبرير تحوّل البنك المركزي إلى لعب دور "المقرض النهائي" للدولة، بدلا من تركيز الضغط على الدولة لإصلاح سياسة الانفاق العام والسياسة الضريبية وتحقيق الانتظام في صدور الموازنات وعمليات قطع الحساب.

في المسائل السياسية الملحة

في القضية الوطنية وبناء الدولة المقاومة

السعي لتحرير القرار السياسي للدولة اللبنانية من التبعية للخارج بحيث تصبح دولة مقاومة قادرة على مواجهة المشروع الصهيوني المعادي للبنان والمعادي لقيام الدولة المدنية العصرية فيه، دفاعاً عن الأرض والثروات وتأكيداً لحق الشعب اللبناني الذي أكده تاريخه الوطني المقاوم. والمطلوب كأولوية تعزيز قدرات الجيش وتأمين مستلزماته العسكرية كافة، على أن تضطلع الدولة بمهمة التمويل دون انتظار الهبات المشروطة بأجندات سياسية من الخارج. هذه هي المنطلقات لتحرير باقي المناطق المحتلة ولتحصين الوحدة الداخلية وتقوية مناعتها وتأمين مقومات الصمود والمواجهة في القرى الحدودية. 

في قضية اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين

  • العمل على بلورة معالجات لقضية اللاجئين السوريين، ومن ضمنها العمل على تأمين عودتهم السوية إلى بلدهم، بالتعاون مع الامم المتحدة والحكومة السورية. وفي هذا الاطار، تنبغي مكافحة مختلف أشكال الحملات والممارسات العنصرية ضد السوريين والفلسطينيين والأجانب. 
  • منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية الأساسية التي تكفلها المواثيق والاتفاقات الدولية، ومن موقع الأخوّة والتضامن بين الشعبين، وفي طليعتها حق العمل والتعليم والاستشفاء، وذلك بهدف تحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

في السياسة الخارجية

  • استحداث سياسة خارجية جديدة تتمحور حول الانفتاح على العالم المتعدد الاقطاب، ويلعب لبنان من خلالها دوره السياسي الفعّال في مواجهة الأحادية الاميركية، وادانة وتطويق العسكرة الامبريالية المتصاعدة والتدخلات الخارجية وسياسة العقوبات والحصار الاقتصادي، واحترام خيارات الشعوب في سعيها المشروع لتحقيق أهدافها في التحرّر الوطني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ونحن مطالبون بتمتين علاقاتنا مع القوى السياسية التقدمية، ومع الدول الصاعدة سياسياً واقتصادياً وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية، من أجل تحقيق المصالح المشتركة بين لبنان وتلك الدول.
  • دعم القضية الفلسطينية وخيارات الشعب الفلسطيني وحقه بالمقاومة ووقف الاستيطان والتمسك بالأرض وحق العودة وتقرير المصير وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية على كامل فلسطين التاريخية، في مواجهة السياسات الصهيونية التي تسعى إلى إرساء يهودية الدولة وترسيخ الاستيطان وتهجير الشعب الفلسطيني.
  • دعم الحلّ السياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة أراضيها ويحترم الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية الكاملة لكافة المكونات القومية، ضمن الدولة السورية الديمقراطية الموحدة التي يختارها الشعب السوري، وإدانة العقوبات الاقتصادية والتدخلات الخارجية في شؤونها، واستعادة العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
  • أخيراً، على لبنان أن يستعيد دوره الريادي في المجال الديبلوماسي والسياسي الخارجي وأن يكون قادرا على استخدام مروحة علاقاته الدولية والإقليمية الموسعة مع الدول الصاعدة دوليا ومع القوى والأحزاب التقدمية من اجل توفير الحلول للقضايا العربية الملحة ومن اجل تحقيق كل اشكال التكامل الاقتصادي بين الدول العربية بما يعزّز فرص التنمية والعدالة الاجتماعية ويضمن مصالح الشعوب والأمن والاستقرار.

الشباب هم الثروة الوطنية

 

  • إشراك الشباب في الحياة السياسية، وإعداد الخطط لتشجيعهم على الانخراط في الجمعيات والنقابات والأحزاب.
  • تشكيل المجالس الطلابية وتنظيم انتخابات طلابية دورية في الثانويات والجامعات الرسمية والخاصة، وإعطاء المجالس المنتخبة صلاحيات إدارية وتنظيمية، وإحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية وفق صيغة ديمقراطية تأخذ في الاعتبار المتغيرات كافة.
  • خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة في الانتخابات البلدية والنيابية.
  • دعم المؤسسات والأندية الشبابية الثقافية والرياضية وإنتاج الفنانين الشباب.

 

المرأة: قوة اجتماعية واقتصادية كامنة، فلنعترف بحقوقها

 

  • إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة في القوانين اللبنانية، ومكافحة العنف الأسري، وإقرار قانون الأجر المتساوي للعمل المتساوي، وتحقيق المساواة في الأجور والتقديمات العائلية والمرضية في القطاعين العام والخاص.
  • تعزيز مشاركة المرأة في الشأن العام من خلال اعتماد الكوتا مرحلياً في البلديات والمجلس النيابي والحكومة ووظائف الفئة الأولى وقيادة الأحزاب والنقابات.
  • تأكيد حق المرأة في إعطاء الجنسيّة لعائلتها أسوةً بحقوق الرجل كاملةً.
  • إلغاء كل قوانين "جرائم الشرف" وكل ما ينتقص من حقّها في تقرير مسار حياتها بشكل مستقل تماماً عن إرادة الآخرين، وإقرار القوانين التي تمنع زواج القاصرات والتي تضمن حريتها الشخصية.
  • احترام المساواة في الإرث والزواج والطلاق وفي قوانين العمل وغيره.
  • منع الإعلانات التي تسلّع المرأة وتستغل جسدها للترويج لأي منتج  أو فكرة.

 

نعم لتعزيز ونشر الثقافة والمحافظة على الإرث الثقافي

 

  • الاهتمام بالفن والفنانين وحمايتهم وتوفير الضمانات الاجتماعية لهم.
  • إنشاء مسارح شعبية ودار أوبرا وكورال وطني تشارك في إدارتها الجمعيات والمجالس الثقافية.
  •  تعميم المكتبات العامة والدور الثقافية والفكرية في المناطق.
  • الحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري والمنشآت الأثرية وتحريرها من هيمنة الرأسمال وأصحاب النفوذ.

 

كفى تدميراً للبيئة والطبيعة

 

  • استحداث سياسات جديدة للحدّ من التدهور البيئي والأذى البالغ للطبيعة الحاصل في لبنان. 
  • تفعيل وتمكين المؤسسات المكلّفة حماية الغابات والأحراج، مثل الدفاع المدني والإطفاء ووزارة البيئة ورفدها بالحاجات التقنية والبشرية اللازمة.
  • توفير الإدارة الحكيمة لأصول الموارد الطبيعية بهدف دعم الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة، ووضع خطة طوارئ للموارد المائية والينابيع والأنهار.
  • وضع سلة من الضرائب البيئية والغرامات تؤدي إلى خفض التلوث وتشجيع الجمعيات البيئية والمؤسسات الصديقة للبيئة، وفرض مراقبة دقيقة لانبعاثات مركبات النقل والمصانع الكبرى.

 

  • العمل على إنجاز خطة متكاملة للنفايات الصلبة وغيرها تتضمن تقنيات إعادة التدوير والتقنيات الحديثة الأخرى الحافظة للتلوث البيئي. 
  • الاستثمار في توليد الطاقة من المياه والشمس والهواء، وكذلك في معامل الغاز الطبيعي والوصول إلى إنهاء الاعتماد على الفيول والمازوت بشكل كلّي خلال ثلاث سنوات.