كتابات حسين مروة وعلاقته بالنداء

في صباح يومٍ مشؤوم من شهر أيار (الثامن منه على ما أعتقد) وإثر اغتيال الصحافي نسيب المتني، انفجرالوضع في لبنان وكانت الإشارة لاندلاع الأحداث الأليمة الساخنة وانطلاقة ثورة الـ 1958 ضد حكم كميل شمعون ومحاولة إخضاع لبنان للسيطرة الأميركية تحت مسمّى "حاف بغداد" أو بالأحرى "مبدأ أيزنهاور"..

     انفجر الوضع في بعض الدول العربية إلى أن حدثت ثورة 14 تموز في العراق ضد النظام الملَكي ورئيس وزرائه نوري السعيد...

بفعل هذه المؤامرة التي حاكتْها الأدارة الأميركية برضى كميل شمعون وزمرته الحاكمة، تأسّست مقاومة شعبية ِشاملة مسلّحة جمعتْ قوىً من مختلف التنظيماتِ الوطنيةِ والديمقراطية، وكان من الطبيعي أن يهبَّ الحزبُ الشيوعي اللبناني، من قلبِ هذه الأحداث الأليمة التي اتّخذتْ صفةَ الثورة الشعبية، إلى الانتفاضة الوطنية ضد المستعمر الأميركي الذي قرّر اتخاذ لبنان ممرّاً للسيطرة على البلدان العربية..

وتمرُّ الأيام، وينتهي العام 1958 بأحداثه الأليمة ليستقبل الشعب اللبناني العام 1959  وقد عاد بعضُ الاستقرار إلى الوطن..

هنا تكوّنتْ لدى الحزب الشيوعي اللبناني فكرة تجميع سائر القوى الوطنية وبخاصة فئة المثقفين من محرِّرين وصحافيين والشخصيات الثقافية والفكرية والأدبية أمثال يوسف خطار الحلو ونخلة مطران ومحمد خطاب وحسين مروة ومحمد عيتاني ود.علي سعد وأحمد أبو سعد وكريم مروة ومحمد دكروب وحبيب صادق وأحمد علبي وأمين الأعور ومصطفى العريس وكثيركثيرغيرهم... وتمَّ إبلاغهم بقرار تأسيس جريدة حرّة هادفة ملتزمة بالقضايا الوطنية التقدمية عامة، للمساهمة في تصويب الوضع السياسي والاجتماعي والمعيشي، وللوقوف بحزم ضد مكائد المستعمرين وأهدافهم وضد القوى الرجعية اللبنانية التي ساهمت في خراب الوطن بارتمائها في أحضان المستعمر.. 

 وكان نهار الأربعاء في 21 كانون الثاني (يناير) يوماً مهماً في تاريخ صحافة الحزب بتنفيذ قراره بإصدار العدد الأول من جريدة "النداء" التي وصلت، في هذا اليوم، إلى أيدي القرّاء... ويوماً بعد يوم أصبحت من الصحف اليومية المهمة في حياة اللبنانيين...

وها أنّ جريدة "النداء" تتابع صدورها بحلّتها الجديدة: "مجلة" نصف شهرية تصدر  بصعوبة  كما البعض من الصحف اللبنانية التي تحوّلت إلى صحف ألكترونية بسبب الضائقة المادية التي تأثرت بها.. 

تحيةً صادقةً مخلصةً من القلب لجريدة (أو مجلة) "النداء" في عيد تأسيسها الثالث والستين، وهي لا تزال تتابع مسيرتها بالصدور (ولو بصعوبة)، وذلك بتصميم وإرادة المخلصين من طاقم المشرفين على إصدارها والمحررين  المساهمين بتأمين المواد الثقافية والسياسية والعلمية...

ومن هنا ولدت لديّ الرغبة بنشر مقالات المفكر الشهيد حسين مروة، بدءاً من انتقاله من التحرير في جريدة "الحياة" البيروتية بزاويته اليومية "مع القافلة"، إلى التحرير في جريدة "النداء"  بزاوية سمّاها نفس الأسم "مع القافلة "، وكانت مقالته الأولى فيها  بعنوانٍ كتبه بخط يده: ".. و مع القافلة أبداً " بتارخ 22 / 5 / 1959هذا نَصُّهُ:

صدر العددُ الأول من هذه الجريدة، ولبنانُ يمرّ في مرحلةٍ دقيقة، تتميّزُ بعدم الاستقرار نتيجةَ الأحداثِ الأخيرة التي أدّتْ إليها سياسةُ الانحيازِ والتبعيةِ للاستعمار والتفريط ِ بمصالحِ الشعبِ الحيوية، وجعلِ لبنانَ مركزاً للتآمرِ على البلدان العربية ولن تكونَ هذه الجريدة سوى منبرٍ لمطالب الشعب وآماله، وسوط يلهب ظهور الدساسين ويمزّق أقنعةَ العملاء ليفضحَ وجوههم الكالحة أمام الرأي العام. ونحن في كلِّ ذلك، مع كلِّ ما يؤدّي إلى تآخي اللبنانيين وتحابِّ مختلف طوائفهم وفئاتهم، لأنّ محبةَ لبنانَ ليست وقفاً على طائفةٍ أو فئةٍ دون أخرى، وإلى سياسةٍ خارجيةٍ مستقلة قائمةٍ على الحيادِ وعدمِ الانحياز أو الارتباطِ بأيِّ تكتّلٍ أو حلفٍ استعماري ولن يكونَ هذا العدد سوى إطلالة، إذا لم تحملْ معانيَ التفوّق، فإنها تحملُ بكلِّ تأكيد إمكانياتِ التطور والإخلاص والعمل المثمر.

مع القافلة أبدأ، هذا عنوان أول مقالة يكتبها المفكر الشهيد حسين مروة في جريدة "النداء"، "كتبه بخط يده" بتاريخ 22 /5 / 1959، وذلك بعد أن توقّف عن الكتابة في جريدة "الحياة" البيروتية، تحت زاوية "مع القافلة"، مع إصراره متابعة كتاباته في جريدة "النداء" تحت اسم الزاوية نفسه، عنيتُ زاوية "مع القافلة"...

منذ تلمّسَتْ أناملي ضوءَ الحرف، وتنسّمتْ رئتي عبير الحبر.. منذ ذاك، كان بصري يحدِّقُ من بعيد، بعيد جداً، إلى مطلاّتِ الأفق، من هنا وهنا، بإمعانٍ يشبِهُ أن يكونَ هياماً، كَمَنَ في  نفسِه حنينٌ قديم إلى وجهٍ مرتقَبٍ حبيب..
وكان على كلِّ مطلٍّ في الأفقِ شاخص، من فكرةٍ أو ناس، يهتفُ بالعابرين، كلِّ العابرين، أنّ: هنا القصد، أيها التائهون العابرون!
وكنا، فعلاً، جيلاً منَ التائهين الحائرين.. ولكنّ بصري كان يظلُّ يُحدِّقُ في البعيد، ولا يسلتفتُ لهذا الهاتفِ أو ذاك.. لقد كان كلُّ شيءٍ على الأفقِ يقول لي: انتظر، انتظر.. فهناك الذي ترتقب.. إنَّ طلائعَهُ لَتزحفُ وتهدر.. إنَّ ضياءَه لَيلتمعُ ويقترب.. إنَّ هتافَهُ ليشقُّ الغمامَ ويُمزّقُ سجف الظلام..
ما كنتُ أعرفُ أين هو ذاكَ الذي أنتظر، ولا أعرفُ من أيِّ المطلاّتِ سيظهرُ على الأفق، ولا أعرفُ من أيِّ الطرقِ أحبو إليه وأسعدُ لألتقيه، ساعةَ يُشرقُ لعيني في المطلعِ المنتظَر..
ولكن، كنتُ أرى كلَّ شيءٍ في ذاتي، وفي عقلي، وكأنه على موعد، قريبٍ أو بعيد، للقائه، لعناقه، لاستجلاءِ النور يهديني في جبينه..
وقبل أن يحينَ الموعد، كانتْ أناملي لا تزالُ تتلمّسُ ضوءَ الحرف، ورئتي لا تزالُ تتنسّمُ عبيرَ الحبر، وما كنتُ أعلمُ أنّ ضوءَ الحرفِ الذي ألامسُه كان شيئاً مُبهماً عندي من ذلك القبَسِ البعيد الذي أنتظر، وأنّ العبيرَ الذي أتنسّمُه، كان نفحةً غامضةً عندي من ذلك العبيرِ الزاحفِ الهادِرِ وراء الأفق، ولا أراه.. 
غيرَ أني انتظرتُ طويلاً طويلاً، حتى كان الموعدَ المرتقَب.. وقبلَ ذلكَ ألفُ شوقٍ عاش في قلبي وماتَ ثم عاش، والفُ نارٍ اضطرمتْ في ذاتي وانطفأتْ ثم هاجتْ من جديد، وألفُ مصباحٍ ضاءَ في وجداني وخبا ثم توهَّجَ أمامَ الريح.. ورغمَ الريح..
وحان الموعدُ ذاتَ يوم.. فلَمَحَتْ عينايَ، على اللهَفِ الصابرِ المتضوِّرِ العاطش، ذاكَ الألَق وهو يموجُ عند كلِّ مطلّ، ويطلعُ من كلِّ أفُقٍ حولي.. وانفتحتْ مغالقُ صدري كلُّها وهي تهفو إلى الألَقِ ذاك، تُريدُ أن تعبَّ منه الضياءَ ملءَ طاقتها، وفوقَ ما تُطيق.. ولكنه الضياءُ الذي لا تضيقُ الصدورُ أن تعُبَّه إلّا وئيداً وئيداً، لأنه خلاصةَ الخلاصة من خمورِ الزمنِ والتاريخ.. لأنه الرشحُ المقطّرُ في آنيةِ الفكرِ البشريِّ من أقدمِ عصورِ الفكرِ واحضاراتِ إلى آحرِ ما اعتصرتْه أيدي الكادحين الصانعين قِيَمَ الفكرِ والحضارات..
لقد كان ذاكَ طليعةَ القافلة..
عرفتُ، يومَ ذاك، أنّ القافلةَ كانتْ تعذ السيرَ منذ زمنٍ طويل، وأنّ الهديرَ الذي كنتُ أُحِسُّهُ في ذاتي، منذ أخذتُ أتلمّسُ ضوءَ الحرف، وأتنسّمُ عبيرَالحبر، هو ذاكَ الهديرُ الذي تُزجيه القافلةُ من بعيدٍ بعيد، وأنّ الضياءَ الذي كان يَهتفُ بي، من أعماقي، ولا أعرفُ ما هو، هو نفسُهُ أَلَقُ الطليعةِ يشقُّ للقافلةِ الطريقَ الفسيح الفسيح..
فهل كنتُ "مع القافلة" منذ يومئذٍ، وأحنُّ إليها ذلك الحنينَ اللاهفَ الصابرَ المتضوِّرَ العاطش؟..
أجل، كنتُ هناك، قبل اليوم.. ولكنّي لا أعلمُ كيف تسيرُ القافلة، وإلى أين تسير.. حتى أخذ الضياءُ نفسُه بِيِدي إلى قلبِ الطريق، فعرفتُ الطريقَ من أين هو، وإلى أين.. وكانت فرحةُ العمر، ولن تنتهيَ  ـ بعدُ ـ  فرحةُ العمر، ما دمتُ في القافلة، ومعَ القافلةِ أبداً..

على هامش العيد العشرين لجريدة "لنداء"

بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس جريدة "النداء " كتب المفكر الشهيد حسين مروة هذه المقالة الوجدانية المعبّرة، تحت زاوية "مع القافلة"، تاريخ  30 / 1 /1979  بعنوان: على هامش العيد العشرين لجريدة "النداء".

      يوم أخذتني "ثورة 14  تموز" إلى بغداد (1)، عدتُ إلى ذراعيْن كانتا لي ـ  زمناً ما ـ  وطناً، وذاكرةً، وينابيعَ حب..
وحملتني الذراعان إلى ضفافِ الزمنِ الجديد.. ويومها قالتْ لي بغداد: هل تعود؟
وكدتُ أعود..
كدتُ ـ يومها ـ أسترخي على ذراعيْكِ يا بغداد، وأحلم..
كدتُ أقول  لكِ يا بغداد: نعم، فلتكوني لي وطناً جديداً، وذاكرةً جديدة، وينابيعَ حبٍّ جديد..
كدتُ أهتف: نعم، هنا متُّ مرة، وانبعثتُ مرتيْن، وهذه ثالثة..

*** 
وكانتْ في لبنانَ حكايةٌ خضراءُ عريقة، لا تنفكُّ تورقُ فصولاً ومواسمَ وحكايا خُضراً جديدات..
وجاءني في بغداد أنّ "الحكايةَ" العريقةَ في لبنان برعَمتْ من جديد، وأنّ البرعمَ الجديدَ ينهمرُ على وطني الأولِ حروفاً خُضراً، وفكراً..
جاءني في بغداد أن "النداء" (جريدة "النداء" ) صدرتْ عن أمها الولود.. عن تلك "الحكاية" العريقة المتجدِّدةِ فصولاً ومواسمَ وحَكايا خُضراً جديداتٍ في لبنان..

*** 
وقلتُ:
ــ عفوكِ يا بغداد.. هذا وقتُ انبعاثي ثالثَ مرة.. وفي لبنانَ انبعاثي هذه المرة. في لبنانَ أول وطنٍ لي، أول ينبوعِ حبٍّ غسَلَ عيني بالضياء.
وقلتُ :
ــ وداعاً، يا بغداد.. 

*** 
وفي بيروت، عدتُ إلى ذراعيْن كانتا لي ـ في الزمنِ الآخرـ ربيعاً، فانزرعتُ في ربيعهما أتعلّمُ الخصبَ وفعلَ السنابل..
وقلتُ لـ "النداء":
ــ سلاماً.. هذا وقتُ انبعاثي .. جئتُ إليكِ، وهذا انبعاثي.

***  
..وفي حقولِ "النداء"، كانتْ يومَها حروفُ فرج الله الحلو هي التي تُعلِّمُنا الخَصبَ وفعلَ السنايل.. وغاب فرج الله الحلو وبقيَ استشهادُهُ مَعْلماً، وبقيتْ حروفُه خضراءَ تورقُ مع "الحكايةِ" العريقةِ فصولاً ومواسمَ وحكايا خُضراً جديدات..

***  
..وفي مدرسةِ "النداء" عرفتُ كيف يكونُ المرءُ شيوعياً لوطنِهِ أولاً، كيما يصحُّ أن يكونَ أُمميّاً حقاً.
 وعرفتُ كيف يكونُ الشيوعي وجوداً حيّاً في جماهيرِ شعبِهِ  مثلما تكونُ جماهيرُ شعبِهِ وجوداً حيّاً  في فكرِهِ، وفي ضميرِه..
وعرفتُ كيف يموتُ جسدُ الشيوعي كلَّ يوم، كيْما يحيا من جديد كلَّ يوم..

*** 
وتعلَّمتُ في مدرسةِ "النداء" أن أكونَ مثلَ نقولا شاوي، وأرتين مادوبان، ويوسف خطار الحلو، ومصطفى العريس: نباتأ في الأرضِ الصلبةِ التي انزرعنا فيها، وحباً ـ باعتزاز ـ للأجيالِ الفتيةِ المبدِعةِ التي تُشعِلُ القناديلَ اليومَ في مدرسةِ "النداء"..
..ويا عيدَها العشرين:
ــ هذا وقتٌ جديدٌ لانبعاثي مرةً جديدة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى جريدة "النداء" في عيدها الرابع والعشرين
بقلم الشهيد المفكر حسين مروة
جريدة "النداء" -  زاوية "ثقافة" - تاريخ 23 كانون الثاني 1983

صباح الخير..  يا نجمةَ الصباح

تأتين في الصباح، كلَّ يوم، وتفتحين لنا باب النهار..
     تأتين في الصباح، كلَّ يوم، وتُضيئين لنا الدخولَ إلى جَسَدِ النَّهار..
    تأتين في الصباح، كلَّ يوم، وتوقِضين في عيونِنا شوقَ الاحتراقِ في تفاصيلِ النهار..

***   
   تأتين في الصباح كلَّ يوم، يا نجمةَ الصباح!..
  تأتين مدجَّجةً بأحلام الفقراء والكادحين والمضطهدين.. شاهرةً إرادةَ الفقراءِ والكادحين والمضطَهَدين..
  تأتين، في عينيكِ اشتعالُ الغضبِ يقاتلُ أعداءَ شعبِنا: أعداءَ أرضِه ووطنِه وحُرِّيتِه..
  تأتين، في عينيكِ انهمارُ الحنان يعانق أبطالَ شعبنا: أبطالَ الدفاع ِعن أرضه ووطنه وحرِّيته..
تأتين نجمةً وعُشباً وماء.. وتأتين انفجاراً وإعصاراً وبَراكين..

***   
صباح الخير.. يا نجمةَ الصَّباح!..
تبدئين، الآن، دورتَكِ الرابعةَ والعشرين مع هذا الزَّمن العربي.. لكن، كيف أنتِ مع هذا الفلكِ الدَّوارِ على غيرِ انتظام، وعلى غيرِ اتِّساق؟..
      - أنتِ نجمةُ الفقراءِ والكادحين والمضطَهَدين.. أنتِ نجمةُ العمّالِ والفلاّحين والمثقفين الثَّوريين.. أنتِ نجمةُ الصباحِ القريبِ والصباحِ البعيدِ لشعبنا المقاتل: شعبِنا الذي يصارعُ الآنَ ظلامَ هذا الزّمنِ الدّاهم.. شعبِنا الذي يغالبُ الآن أمواجَ الظّلام ِ تأتيه من كلِّ جهاته.. شعبِنا الذي ينبعثُ الآنَ من رَمادِه الأخير، من موتِه الأخير!..

***    
     تبدئين الآن، يا نجمةَ الصباح، دورتَكِ الرابعةَ والعشرين، وأنتِ ترسمينَ خارِطَةَ المدارِ الصحيحِ لهذا الزَّمنِ العربيِّ الدائرِ على غيرِ انتظام وعلى غيرِ اتِّساق.. ترسمين وفي عينيكِ اشتعالُ الغضبِ وانهمارُ الحنانِ كلاهُما في آن.. ترسمينَ خارطةَ المَدارِ الصّحيح وفي رؤاكِ رؤى شعبِنا وأحلامُ رَمادِهِ الأخيرِ الساخِنِ الطّازَج الذي يخرجُ منه الآن، دَفْعَةً دفْعة، مع كلِّ "عمليّةٍ" في سلسلةِ المقاومةِ الوطنيةِ اليوميةِ لجيش الاحتلال الإسرائيليِّ البغيض..

***       
       صباح الخير،  يا نجمة الصباح  
       ما أبعدَ المسافةَ وما أقربَها، بين الدَّوْرتيْن: دورتِكِ الأولى برفقةِ فرج الله الحلو، ودورتِكِ هذه الرابعة والعشرين بقيادةِ الحزبِ الصامدِ الواحد.. أعني الواحِدِ وحدةً: فكريةً، سياسيةً وتنظيمية...
       ما أّبْعَدَ المسافة: لأنَّ في داخلِها فاصِلاً بين المؤتمرِ الثاني للحزب الشيوعي اللبناني ( 1986)، وبين مرحلةِ ما قبل هذا المؤتمرِ الثاني الحاسم..
      وما أقرَبَ المسافة: لأنَّ في داخلها اتصالاً بين فكرِ فرج الله الحلو وفكرِ المرحلةِ الجديدةِ الحاضرةِ في حياةِ شعبنا، حضورَها اليوميِّ والمستقبليَّ معاً.. أعني اتّصالَ المسارِ بالمسارِ نفسِه، رغم العَثَراتِ التي أرادتْ أن تقطعَ المسارَ عن المسار..

***     
      صباح الخير..  يانجمةَ الصباح!..
      يوماً فيَوماً أتنفّسُ برئتيْن معاً: رئةٍ في جسدي /الفرد، ورئةٍ في جسدِكِ /الحزب..
      يوماً فيَوماً، على مدى المسافة كلِّها بين دورتِكِ الأولى ودورتِكِ هذه الرابعةِ والعشرين، أحيا حياتَكِ واصِلاً بها حياتي، باقتناعٍ وحبٍّ واعتزازٍ وشرف.. ويوماً فيَوماً تزدادُ هذه العلاقةُ /الوَحدةُ عمقاً وشباباً ونُضجاً..
      يوماً فيَوماً أنتظركِ في الصباح، لأقرأَ فيكِ شعبي وحزبي وذاتي..

***   
     يوماً فيَوماً صباح الخير.. يا نجمةَ الصباح القريب والصباح البعيد لشعبنا المقاتل..