رافائيل كوريا: حصن أمريكا اللاتينية في مواجهة هيمنة واشنطن

يواجه لينين مورينو، الرّئيس الإكوادوري الحالي، تهمًا في قضية فساد تتعلّق بشركة تمّ تأسيسها خارج البلاد، فيما يتصاعد الصراع ضد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على قارة أمريكا اللاتينية.
قضية (INA) وهو الإسم المتداول للقضيّة، بدأت حين تلقى النّائب المعارض روني اريجا سانتوس، ملفًا مجهول المصدر، يتضمّن وثائق تفيد بتورّط الرّئيس مورينو وعائلته بتهم فساد تتعلّق بالتّهرب الضّريبي والحنث باليمين وغسل الأموال، والإثراء غير المشروع.

تُعرف الوثائق باسم "أوراق INA" التي تتحدّث، وفقًا للنائب سانتوس، عن مبالغ بقيمة 18 مليون دولار أمريكي تمّ إيداعها في شركة خارج البلاد (Recorsa) مرتبطة برجل أعمال إكوادوري قام بتحويل الأموال إلى أكثر من 10 شركات وهمية في بنما بالاضافة الى شركة (INA Investments Corp)، لصاحبها الحقيقي إدوين مورينو، شقيق الرئيس لينين مورينو.

تكشف التّسريبات أيضًا أنّ مورينو أسّس شركته عام 2012 في بليز وهي دولة في أميركا الوسطى. تمّ تسمية الشركة باسم INA Investment، تكريماً لبنات الرئيس الثّلاث، Irina و Cristina و Karina وبالتّالي فإنّ المالكين الحقيقييّن للشركة هم أفراد عائلة الرّئيس، وقد تمّ التّستّر على أسمائهم من خلال تسجيل الشّركة رسميًا بأسماء شخصيات بارزة في محاولة لإخفاء صلة الرّئيس بالشّركة.

التحقيق بدأ، وقد أدلى مورينو بشهادته في الرّابع من أبريل الحالي.

وفي محاولة للتعميّة عن فساده، اتّهم مورينو مؤسّس موقع ويكيليكس جوليان أسانج بالتعاون مع الرئيس نيكولاس مادورو والرّئيس السابق رافائيل كوريّا بالقيام بحملة لتشويه صورته خاصة قبل الانتخابات الرّئاسيّة، باعتبار أنّ سانتوس عضو في مؤسسة سياسية أسّسها الرّئيس السابق رافائيل كوريّا.

تُرى، لماذا وجّه مورينو اتهاماته إلى هذه الأسماء تحديدًا؟

الرّئيس نيكولاس مادورو:

موقف حكومة الإكوادور اليمينية المؤيّد للإنقلاب الفنزويلي، وارتهان مورينو كليًا لواشنطن جعل الرّئيس نيكولاس مادورو في مقدمة أعدائه على قاعدة عدو سيدك عدوّك.

جوليان أسانج:

الإكوادور تستعد لتسليم جوليان أسانج مؤسس موقع  إلى الولايات المتحدة الأميركيّة.
هذا ما أكّده، محامي أسّانج الإكوادوري كارلوس بوفيدا الذي جزم أن ّاتفاقا تمّ بين واشنطن ولندن وكيتو، لتسريع عملية إنهاء لجوئه وتسليمه إلى سلطات المملكة المتّحدة.

يعيش أسانج في المنفى في سفارة الإكوادور في لندن منذ عام 2012، بعد مرور عام على تفويض المحكمة العليا في لندن بتسليم أسانج إلى السويد حيث وُجهت إليه تهمة الاغتصاب والإيذاء الجنسي. وكانت الإكوادور قد منحته حمايتها وأعطته الجنسية في عهد رافاييل كوريا الرّئيس السّابق الذي ندّد بتسليم أسّانج معتبراً ذلك إهانة لبلده كونه ليس فقط مجرّد طالب لجوء وإنّما أصبح مواطناً إكوادورياً بموجب الجنسية التي مُنحت له.

رافائيل كوريا:

أما لماذا رافائيل كوريا فلأنّه باختصار كان ولا يزال من منفاه المدافع الأوّل عن حقوق الإنسان وحصنًا منيعًا ضد الهيمنة التجارية والسّياسية على أمريكا اللاتينية من قبل الولايات المتحدة .

إنّه العملاق اليساري الذي انتشل ستّة ملايين إكوادوري من الفقر، حسب تقارير البنك الدولي وتحدّى الولايات المتحدة الأميركيّة لمدة 10 سنوات، مدّة رئاسته للإكوادور 2007- 2017 وتمّ نُفيه بعد أن ألصقت به تهم بالفساد (شأنه شأن معظم قادة اليسار) سعيًا إلى تدميره قانونًيا وسياسيًا. وبالرّغم من كلّ ذلك لا يزال كوريّا الرئيس الأحب والأقرب إلى شعب الإكوادور.

كرس كوريّا الإكوادور مرجعًا عالميًا ليس فقط في مجال العدالة الضريبية والمساواة الاجتماعية بل أيضًا في مجال البنى التحتيّة والمواصلات. وسعى إلى تحديث الخدمات العامة، ما لم يسبقه أي من الرؤساء على تحقيقه، وجعلها حقًا أساسيًا من حقوق المواطن. لن يغفر له أصحاب المنفعة ما قام به أبدًا.

الإكوادوراليوم، هي جبهة صراع بين تيارين، فإمّا أن ينتصر التّيّار السّيادي وتستعيد البلاد قرارها في مواجهة الهيمنة الإمبرياليّة وإمّا أن تبقى مستسلمة لإرادة واشنطن، تعبّر عن سياسة اليانكي في أميركا اللاتينيّة.

  • العدد رقم: 354
`


لينا الحسيني