موريس نهرا

موريس نهرا

الصفحة 12 من 12

الإنقلاب الفاشل الذي جرى يوم 30 نيسان المنصرم، ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وحكومته، شكّل ضربة قوية لليمين المتطرف الداخلي الذي يمثله خوان غوايدو، صنيعة واشنطن، وفشلاً للسياسة العدوانية الأميركية ضد فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا، الذي يجاهر بها جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، وبومبيو وزير الخارجية، وإبرامز، المكلف بالملف الفنزويلي، والرئيس دونالد ترامب نفسه.
ويزيد من مغزى هذا الفشل، كونه يحدث بعد حربٍ اقتصادية طويلة وشديدة على فنزويلا، وفرض عقوبات عليها، وصلت إلى مصادرة الإدارة الأميركية عشرات مليارات الدولارات التي تخص فنزويلا، وشملت بنوك في دول أوروبية. وقد ترافقت هذه الهجمة بحملة إعلامية تحريضية ضخمة، ترمي الى استغلال الضائقة المعيشية التي يُحدثها الحصار والعقوبات من جهة، والارتباك والقصور في معالجة السلطة الفنزويلية للأزمة الاقتصادية والمعيشية المذكورة، من جهة أخرى.

بعد أيامٍ قليلة، يطل علينا عيد الأول من أيار. ويتميز العيد هذا العام، بكون عمالنا وكادحينا، بسواعدهم وأدمغتهم، في المدينة والريف، يعيشون معاناة وظروفاً أشد قساوة. ويطاول القلق أيضاً شرائح الطبقة الوسطى، التي تشهد تراجعاً وانحداراً في ظروف عملها، وفي مستوى معيشتها، التي باتت أقرب إلى وضع العمال.

الفساد آفة كبيرة لا ينفصل انتشاره عن النظام الطائفي، بل يحتمي به. ويتحوّل الفساد من دون محاسبة، إلى وباء يشمل الشركاء في السلطة، ويصل إلى الأزلام والمحاسيب، كي تضيع صورة الفاسدين، ويختلط الحابل بالنابل، ولا تعود المحاسبة أمراً يسيراً.

13 نيسان من كل عام، هو مثل كل الأيام في الروزنامة الشهرية والسنوية، ومع أنه يرتبط في ذاكرة اللبنانيّين بحادثٍ أليم، إلّا أنه ليس السبب في تفجير الحرب الأهلية. فحادث بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان 1975، الذي أودى بحياة ركابها الفلسطينيين، هو حادث إجرامي فظيع بكل المقاييس، لكن تفجير الحرب الأهلية كان يمكن أن يحدث في يوم آخر وبحادث آخر ايضاً. لذلك فإن المسألة هي في مكان آخر، ترتبط بطبيعة النظام السياسي الطائفي الذي يستولد انقسامات وعصبيات ومشاريع طائفية، وبالتالي مفاهيم متناقضة للوطن والوطنية يتداخل فيها الطائفي بالوطني، وتجعل مصلحة الطائفة وحصّتها وموقعها معياراً أساسياً للنظرة إلى الوطن والدولة، وإلى أي حدث أو حادثة.

من عادة اللبنانيين الترحيب بضيوف، لكن "مستر بومبيو" والموفدين من الإدارة الأميركية وأمثالهم ليسوا في خانة الضيوف، فزياراتهم لا تحمل بشائر خير، بل ضغوطاً وعدائية ضد مصالح شعبنا اللبناني وشعوبنا العربية، كما لشعبي فنزويلا وكوبا وشعوب أميركا اللاتينية وغيرها. فلا أهلاً ولا سهلاً بالمتآمرين على قضايانا العربية، وعلى الأخص قضية فلسطين، وداعمي الكيان الصهيوني وعدوانيته وطمعه بأرضنا وبسرقة ثروتنا الغازية في مياهنا البحرية.

الصفحة 12 من 12