الحذاء.. ذو الشأن!!

وهو على مختلفها، في النوعية والجودة، في اللون والنظافة..
في ما مضى، ويمضي، وما يُمثّل أو يعني لصاحبه، كما يعني لسائر الخلق!!
في النوادي والمطاعم والمقاهي، في البنوك، في الوظائف العامّة والخاصّة، وهو ميزان التقييم، فهل من حيث الحذاء كوظيقة.. وهو أحد الاحتمالات وأضعفها تساوقاً، أم هو الحُبّ من النظرة الأولى لصاحب الحذاء!!

وبدءاً من الحذاء نوعاً ولمعاناً، حيث يكاد يتمنطق، يصول ويجول، حتّى يقبضَ على معظم الآراء بجلسةٍ واحدةٍ في قعدةٍ ما مُقوقهة وبحسب الانتساب لأسماء المقاهي، وهي تكاد من الحُسنى اقتباساً، بمعنى أنهُ لكلّ مقهىً جماعتُهُ، كما لأصحاب الرساميل في البنوك، كما للساسة، للفاسدين، وكلّما ازداد الفاسد مفسدةً.. ازدادت قيمة الحذاء؛ فهو مثل كلب "المير".. وكلب المير أو الأمير في بلادنا.. أمير، وهو من الأمثال الدارجة، وهو في العقل يضرب شتّى الجهات.
...
أمّا صاحب الحظّ، هو الحذاء ذو الشأن، فالرواية عنه في منبلج فجر العيد السعيد، حيث اختفت الفرحة والأهازيج والألعاب، وسادت الوجوه حلّةٌ كئيبة، وجعٌ مؤلم، وفقر مريع مُدقع، وضنكٌ لم نعهده حتّى في أحلك سنين الاحتراب الأهلي "الوطني".. ومقارعة غزوات العدوّ الغاصب في آن.
...
ومراغمةً عن تبدّل الظروف بزمانها ومكانها، إلّا أنّ بعض المفاهيم لم تتبدّل فحسب، بل كبُرَت فقّاعتها.. حتّى انفجرت كلَغمٍ كبير على مستوى الوطن في الجغرافيا والديموغرافيا، انفجرتْ نهباً لدمنا ولحمنا، وإنْ منذ عقودٍ طوال حتّى لم يتركوا ولو نثرة دهنٍ، سفينة كلّ من ركبها يهوذا آخر عصري، بيْنا في المعادلة حصارٌ وانكسار، وفي السياق وجوهٌ تلمع، وفي المضمون من أثر الحذاء "ذو" الشأن، ولهذا مدرستهُ العريقة، وأهلوه ذوي الخصاصةً..
...
فليهنأ أنّى شاء، لكنّهُ اختفى من أقدام المُحتَفين بالأعياد.. أو أيّ شأنٍ آخر، من الشوارع والمعارض، فأصابه الملل والشجر.. يتثاءب في الفيترينات، أو المعروض منه في المحال المخصّصة لمقامه، والحذاء درجات ومقامات في الحسب والنسب حيواناً ومن أي بلاد، أو الصناعة الحديثة التي من مشتقات النفط، على فكرة، قرأنا زماناً في كتاب الأشياء، أن النفط هو من كلّ الكائنات بمختلفها ومخلّفاتها، ولهذا غير شأن.
***
حذاء الكاوبوي .. (2)

حدث منذ سنين خلت ، أن تناولتُ مواضيع أمّتنا باندفاعة الغيارى المقهورين المألومين ..
كان ، أن نشعرَ كيف تنغرس في رؤوسنا ، في نفوسنا ، مسامير حذاء الكاوبوي ، وعشتُ لأسحبَ من أرشيف الذاكرة بعض مسامير .. علقتْ في الدّماغ الجمعي والذاكرة ، تقطع على الجموع التواصل والاجتماع .
كان ، كلّما لفحتْ نيران الحروب أرواحَنا ، ناصَبَنا التجّارُ الجشعون العداء ، ولا عزاء ، يهمُّ الرغيف بالهروب أمامنا مثل أمهر عدّاءٍ على وجه البسيطة ، وجُلّ احتياجات الحياة والوجود والصمود على نفس المنوال .
...
هاك ، تظلّ تنكسر الآمال والأحلام ، ويتفرّق العُشّاق في توهة السياسة والسّاسة التجّار ، ولا صوتَ لأقوام المجتمع الواحد في كلّ الشؤون والشجون إلّا الوحدة النابذة للوحدة .
...
ضربتُ في الوجود معترضاً .. حتّى على وجودي أيضاً ، ونحن - وارثو - الهزائم ؛ فإذا ما انبلج زمن العزائم ، تخاذل الأقربون ، والأبعدون على خطل ديدنهم ، والتبست علينا القيم والمفاهيم والثوابت ، وسُحِبَ الدّينُ من أُمِّ الكتاب .. إلى الهلاك الجمعي ، فكنّا العلامة الفارقة .. نسعى إلى الخلف بقيادات الخَلفِ عن السلف ؛ فانكسرت منسأة سليمان وعصا موسى ، والأيادي غير بيضاء ، والصليب يسع ملايين البشر أنفاً عن المراحل الجيولوجية ، وأُمّ القرى تناءت عن إسرائها ، وأحتُّلَ المعراج ، وأصاب القمم العقم .. يقرض بعض خيوطها فئرانٌ مدجّنة ، لكنّا .. فئران التجارب ، تتقاذفنا النوائب ، ولا غفران يا صاحبي الغائب الماضي في الزعتر .
...
يومَ انحدرنا إلى بطن الوادي ، زاغتِ أبصار - الخطوات - ونالت منها الحجارة والأشواك ، والرّعب موصول القذائف والقنابل المضيئة - يا تلّنا المقتول الشهيد ، مَن تَلَّ رقابنا للذبح من الوريد إلى الوريد .. !!
...
كان ، أن نكتشف فعل حذاء الكاوبوي ، نحن المُعَفّري التراب والرماد والدّخان ، ولا طائر فينيق ، لا خِلَّ وفيَّ ، لكنّما غولة القَتَلة أيقنتْ حفرها في وجودنا ، وكلّ أعضاء الجسم وخلاياه .. احترابٌ نزّاعُ القِسمةِ ، وربّة العصر - ويلات - ومن أفلام هوليوود ، كان حذاء الكاوبوي ، يسود المفاهيم في المأكل والملبس والعادات ، وسوبرمان ورامبو ، "عيني" على رامبو .. بضربةٍ واحدة ونظرة ، يطيح ببلادٍ بطولها وعرضها .
هاك ، جرى التخلّي عن العِرض والأرض، والعروض سيّافة الدّماء .. اللهم لا اعتراض ، هكذا يُراد لنا ما حلّ بنا ، والقول المشهور عن زياد ، هي مؤامرة .. لكن ما هي المؤامرة ، لا تعليق .
كلّما تقدّم بنا العمر ، ننحو للحكمة والوقار ، ولأنّها التجربة الحياتية بقليل فرح .. وكثير أوشابها ، ولائحة الاتّهام ذات سرديةٍ طويلةِ العِرق والدّين والإرهاب .. أهمّها العداء للساميّة ، حتّى هذه أنكروها علينا قبائل الخزر .. كالفلافل والحمص والتبولة ، والأغاني والكوفية والعادات والتقاليد والمعتقدات من كنعان وعدنان وقحطان حتّى عصر الذكاء الاصطناعي والقنابل الذكيّة النووية .
حتّى صار حذاء الكاوبوي على مقاس وشكل أمّتنا ، بصمةُ الخنوع والخضوع والذُّلّ ، ثمّ استدركتُ بأنّ الأرض أرضنا ، بأنّها طيبُنا ومقامنا ، أُمّنا تحتض رفات الأجداد والأهل ، وكلّ شهادات الدّماء والأرواح في سبيلها . إذن ، هو ليس على شكل الجغرافيا والديموغرافيا حاشا وكلّا ، بل شكله على شاكلة السّاسة والسياسة المريضة . الذي ، جِلدُهُ من جلودنا ، ولونهُ من صباغ دمائنا ، ودعسته في العقل والنفس ، وتلك المسامير زنازين دمويّة ضدّ أهل الأرض ، ومزامير الشذّاذ بكوفيّةِ أو بدونها . ثمة أبطالٌ لا يتهيّبون الموت ، ثمة قولي لنفسي ، لعقلي .. لا تنسَ ، نطلع من كلّ الموتِ إلى كلّ الحياة .