جنود المطبعة المجهولون

لم يكن ممكنا للـ "النداء" أن تصل إلى أيدي قرّائها لولا جهود الخطاطين والعمال في المطبعة. هنا لفتة متواضعة لبعض من ساهم في صدور الجريدة.

جمال غلاييني خطاط جريدة النداء منذ عام 1984 حتى عام 1989:

من ضمن عملي في جريدة "النهار" كنت أساهم في جريدة "النداء". كنت المسؤول عن خطوط الصفحة الرئيسية في الجريدة. كنا نقوم بتحضير العدد بعد التحرير والصف (التنضديد)/ ثم نقوم بالإخراج.
كان المسؤولون عن  الصفحات، على سبيل المثال مسؤول الثقافة، مسؤول المحليات، مسؤول الديبلوماسيات، الخارجيات...الخ، يحددون صفحاتهم ويرسمونها ويضعون العناوين. على ضوء ذلك تُحدد هوية العناوين. هذه العناوين كانت ترسل  لي، وكنا نبدأ العمل من الساعة السابعة مساءً، وننهي عملنا عند الثانية فجراً، لآخر صفحة مع المانشيت وعناوين الصفحه الاولى.

خلال فترة الحرب كانت غالبية المانشيت تتكون من ثمانية أعمدة، وعندما يكون المحتوى قليل جداً، تتراوح الأعمدة بين ستة أعمدة أو اربعة أعمدة مع عامودين حسب إخراج كل صفحة. كان التخطيط يتم من خلالي لكل العناوين ثم نلصقهم على الصفحات. والصفحة يطلق عليها إسم ماكيت. نرسل هذه الماكيت إلى المطبعة، الموجودة في نفس مبنى التحرير الواقع بمنطقة الوتوات. داخل المطبعة هذه الماكيتات تُصورعلى فيلم ويمنتج وينظف وينقل على بلاك، وفور انتهاء البلاك يتم تركيبه على رول غالباً ما تكون بين عشرة واثنا عشرة صفحة. تطبع وتتوزع.
كان هناك مشاركين معنا، وهم مجموعة كبيرة من الصحفيين المهمين حالياً مثل الشاعر زاهي وهبي، ورئيس تحرير جريدة الأخبار ابراهيم الأمين، ونبيل حاوي كان مسؤولاً عن الخارجيات. وكان معنا أيضا الأستاذ ملحم بو رزق رحمه الله، وعلي الشامي وهناك أيضاً لفيف من الصحافيين لم اعد أذكر أسماءهم. كنا نتقاضى شهرية من الحزب لغاية ظهور الكومبيوتر ثم دخلت سياسة التوفير للحزب الذي كان يأخذ اشتراكات من المحاسبين لإصدار الجريدة.

عارف المقداد عامل في مطبعة جريدة النداء بين عام 1979 و 1990:
احتجت إلى عمل بسبب ظروف عائلتي المادية، لأنني كنت يتيم الاب ومازلت طفلاً اذهب الى المدرسة. كان والدي شيوعيا واخي شهيداً. عملت في قسم التصوير الطباعي. ابدأ العمل الساعة العاشرة ليلاً حتى الرابعة صباحاً. كنا نعمل دون كلل أو ملل، لم نرتعب يوماً من قصف او اي هجوم او مواجهة، بل كنا نواجه بكل قوانا النفسية والجسدية والعسكرية. واذا حصل اي عطل في آلة من الآلات المطبعة، كنا نذهب سيراً على الاقدام تحت القصف العشوائي إلى مطابع الشرق في محلة رأس النبع كي نكون جاهزين لصدور الجريدة قبل بزوغ الفجر.
لم نتوقف عن إصدارها مهما كانت الأسباب. وكنا حوالى سبعة أشخاص أو ستة. ما زلت أذكر منهم نسيب سعادة، عبد الأمير سليم، زهير قيس وناصر طراد.
كنا نواجه صعوبات القصف وقلة النوم وعدم العودة إلى منازلنا أيامٍ عدة. بعد إقفال "النداء"، عملت في مطبعة التكنوبرس. لقد كان لجريدة "النداء" أثر كبير في حياتي، وذكرى جميلة لن أنساها مدى الحياة. تعرفت إلى احلام قطيش في اذاعة "صوت الشعب"، حيث عملت لفترة قصيرة/ وأكملنا مسيرة النضال وما زلنا نناضل من أجل حياة شريفة.

لقد كانت "النداء" ذكرى جميلة في حياة العاملين فيها، وتركت أثراً جميلاً في حياة من سيأتي للعمل فيها رغم كل الصعوبات.