الشعب في مكان والسلطة في مكان آخر

لبنان لا يغرق فقط في مياه الأمطار ووحولها كلما اشتد المطر، بل يغرق في الفساد والتلوث، وفي العجز والمديونية، وفي لجة الانهيار الاقتصادي والمالي أيضاً. ومع ذلك ما يزال سير سلطة القرار، أبطأ من السلحفاة. وهم يعلمون مدى خطورة الوضع، وعدم استطاعتهم تجاهل الانتفاضة والغضبة الشعبية، والمطالب والحقوق التي تنادي بها. لكنّهم ينطلقون أوّلاً، من مصالحهم هم، وتثبيت مواقعهم على كراسي السلطة، قبل وفوق مصالح الشعب والوطن.

Image

الانتفاضة الشعبية: المسار والأطوار

يصدِفُ أن تلتقيَ بشخصٍ تعرفه وأنت تمشي في الشارع ليسارع بسؤالك السؤال الآتي "شو وين صرتو؟" وكأنّه ينتظر من الانتفاضة الشعبية أن تحقّق تغييراً شاملاً لسلطة متجذّرة ولدت إبّان إعلان دولة لبنان الكبير عام ١٩٢٠، من خلال خمسين يوماً من التظاهرات. عجيبٌ أمر هذه الشريحة من المواطنين وكأنّ الانتفاضة ستعطي مفاعيل وتأثيراتٍ في غاية السرعة. ثمّة قوانين ناظمة لأيّ حركةٍ جماهيرية علّمتنا إيّاها تجارب الشعوب المنتفضة، بالاستناد إلى التراث الماركسي- اللينيني، فقد وضعت الأخيرة الأسسَ التنظيمية للثورة اشتراكية التي تبدأ بتنظيم صفوف الطبقة العاملة، وتمرّ بحتمية رفع مستوى وعي هذه الطبقة، ومن ثمّ تأطير نضال الطبقة العاملة على المستوى السياسي وأخيراً القيام بالفعل الثوري.

Image

الانتفاضة ومسارها التصاعدي

58 يوماً على انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول /أكتوبر، زادُها إصرارٌ كبير من شعبٍ ضاق ذرعاً بهذه السلطة السياسية الفاسدة ونظامها الطائفي المتعفّن، لأنّه يستحق الحصول على أبسط حقوقه ألا وهي بناء دولة مدنية وطنية.

Image

ليست أزمة مالية، إنّها أزمة الرأسمالية

العالم اليوم على مفترق طرق. ما كان يبدو ضرباً من الجنون منذ عقدين، صار خطاباً منتشراً على كل لسان اليوم. الرأسمالية في أزمة بنيوية، في دول المركز كما في دول الأطراف. النظام العالمي "الجديد" الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، صار عالماً قديماً ينتظر اليوم مراسم طيّ صفحته. الرأسمالية التي اعتُبِرت "نهاية التاريخ" تعيش اليوم خريفَها، واليد الخفية التي اعتبرها "آدم سميث" ناظمةً لتوازنات الاقتصاد والمجتمع في ظل الصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، اتّضح أكثر للناس حول العالم بأنّها يدُ الاستغلال الطبقي الظاهرة، التي تراكم الثروة لدى فئةٍ محدّدة من المجتمع على حساب باقي الطبقات الاجتماعية.

Image

المماطلة والبلطجة لن تحرف مسار الانتفاضة

ها قد مضى شهر ونصف على بدء الانتفاضة الشعبية الرائعة، وما زال شعبنا مستمرّاً في الشارع والساحات في جميع مناطق لبنان. ومع أنّ صرخاته المدوّية المعبّرة عن وجعه تردّدها الساحات والشوارع، فإنّها لم تدخل بعد كما يبدو، في اسماع وعقول زعامات الطبقة السلطوية. فهم لم يعتادوا الإصغاء إلى أصوات الناس خصوصاً الكادحين والفقراء ومجمل المظلومين. يزعجهم سماع صوت الرأي الحرّ الحقيقي، والفكر النيّر، والمواقف الوطنية الجريئة.

Image

انتفاضة 17 أكتوبر: خطوة على طريق الثورة

دخلت "انتفاضة 17 أكتوبر" أسبوعها السادس على التوالي، وسط إصرار من المنتفضين بكافة الساحات وعلى امتداد مساحة الوطن على توحيد مطالبهم ومواصلة تحركاتهم حتى تشكيل حكومة وطنية انتقالية، وتطبيق المادة الـ 22 من الدستور وإقرار قانون انتخابات نسبي وخارج القيد الطائفي، ثم تحقيق استقلالية القضاء واسترجاع المال العام المنهوب والأملاك العامة.

Image
الصفحة 25 من 37