ليكن كلّ يومٍ عيداً للعمال!
ليس الأوّل من أيّار يوماً عادياً، ولا مناسبةً احتفالية، ولا ذكرى حنين إلى الماضي. إنّه يوم لشحذ الهمم والطاقات ولاستنهاض النضال العماليّ والشعبيّ العام من أجل تحقيق تغيير يؤمن حقوق العمال الطبقيّة والسياسية والاجتماعية.
حسناً فعلت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم بزيارتها إلى الأسير اللبناني جورج إبراهيم عبدالله في معتقله الفرنسي برفقة السفير اللبناني في فرنسا، لتكون بذلك أوّل زيارة في التاريخ لمسؤول لبناني في الحكومة أو مجلس النواب إلى سجن أسيرنا البطل بعض مضي 37 عاماً على اعتقاله!
تنطّح البطريرك الماروني ليطلق ديناميةً سياسيةً جديدة / قديمة تحت عنوان الحياد الإيجابي وطلب عقد مؤتمر دولي حول لبنان، ليختزن هذا الطرح في طيّاته إعادة إحياء ما تبقى من فريق 14 آذار، وهو الذي كان، إلى جانب شركائه في فريق 8 آذار، جزءاً مكوناً وأساسياً من المنظومة الحاكمة التي قادت لبنان إلى الإفلاس والفقر الانقسامات المذهبية والتأزّم السياسيّ.
من السهل أن يرى الناس في نماذج فجّة مثل الرئيس السابق ترامب تعبيراً عن حالة عنصريّة فوقيّة حاقدة، أو غيره من نماذج الفاشية المتجدّدة، لكن هل يرونها في زعمائهم المحليين الأقرب إليهم؟ أهل السلطة والحكم الذين تعاقبوا على إدارة البلاد والعباد في لبنان ترامبيّون قبل ترامب نفسه. يرون في لبنان نموذجاً فريداً يجب أن يعمل في خدمة طبقة مخمليّة فاحشة الثراء والفساد، على حساب موت وتهجير وتجويع وإذلال ما تبقى من مواطنين غيرهم، وعلى حساب العمال الأجانب واللاجئين وكل ما لا يخدم حساباتهم وأجنداتهم.
اعتاد العالم على مشاهد الانقلابات التي يدعمها من وراء الستار رؤساء أميركيون في دول أخرى حول العالم، لكن ما أتى جديداً هذه المرّة هو قيام الرئيس الأميركي ترامب بالتحريض على انقلاب على نتائج الانتخابات في أميركا نفسها.
تستمر البلاد في مسارها الانحداري نحو قعر القعر، فيما قيادتها السياسية مستمرةٌ في حماية مصالح المتنفذّين والفاسدين من أهل بيتها، وفي حماية مصالح رؤوس الأموال المتحكّمة بالقطاع المصرفي والعقاري والودائع والاحتكارات التجاريّة. استقواء بالمرجعيات الروحية والطائفية لتحصيل مكتسبات سياسية على نفس النهج الذي ساد منذ عقود، واستجداء للخارج عنوانه التسوّل مقابل القرار السياسي والسيادي والثروة النفطية. انتظارية قاتلة على أمل ولادة تسويات إقليمية-دولية بعد استلام الرئيس الأميركي الجديد مقاليد الحكم، ومعها تقبع البلاد في الثلاجة السياسية، وتحت لهيب نار الانهيارات الحارقة.