أول أيار رمز كفاح العمال لحاضرهم ومستقبلهم

للعامل أول أيار أسمى وأقدس تحية
عم بيناضل ليل نهار وحامل أكبر قضية
وما بيتوقف مهما صار تا يوصل للحرية
وتحريرو من الاستثمار تحرير الإنسانية

لم يكن صدفة أن يصبح الأول من أيار عيد العمال العالمي. فقد ولد هذا العيد من صميم الصراع الطبقي بين العمال والكادحين من جهة، وطبقة الرأسماليين وسلطة دولتهم من جهة ثانية. فمع تطور الرأسمالية وبلوغها مرحلة الإمبريالية وانساع القاعدة العمالية في المجتمع، أخذ الصراع الطبقي يتصاعد نتيجة معاناة العمال من نير الاستغلال الرأسمالي، الذي ادى بدوره الى اشكال متعدّدة من الاحتجاج، كان من بينها التظاهرة العمالية الضخمة في مدينة شيكاغو الاميركية، في الأول من أيار 1886، التي واجهتها السلطة وقواها الأمنية بالقمع الدموي، بذريعة حاكت السلطة خيوطها بزرع ادوات لها في التظاهرة لاطلاق رصاص، يبرر تصميمها على ارتكاب المجزرة وسقوط عشرات العمال الشهداء والمتظاهرين.
لكن قاضياً شريفاً كشف في متابعته التحقيق بما جرى بعد فترة زمنية، براءة العمال وإدانة اجهزة السلطة التي دبرت الحادث الإجرامي الكبير لتبرير المجزرة بالعمال. وفي ضوء ذلك اتخذ اجتماع الأممية الثانية بقيادة فردريك انجلز عام 1889، قراراً بجعل الأول من أيار عيداً سنوياً لعمال العالم، يحمل تقديراً لدور العمال وشهدائهم، ويرمز الى وحدة نضالهم ضد الاستغلال الرأسمالي، ولتحررهم من سرقة ثمرة قوة عملهم من جانب رأس المال وسلطته، وبدءاً من قرار الاممية هذا، اخذ العمال في العالم ينتزعون شرعية هذا العيد في بلدانهم، وقبل الاقرار يه عيداً رسمياً في لبنان عام 1953، كان الاحتفال بأول أيار يواجه بالقمع السلطوي سواء جرى في تظاهرة في الشارع ام في مكان آخر تعرف به السلطة. كثيراً ما كانت النقابات العمالية المستقلة تقيم مهرجانات اول ايار في كازينو بطرس الدورة. ونحن في انطلياس كنا نحيي سهرات في البيوت نتحدث فيها عن معاني عيد اول ايار، ثم نحولها مع العشرات الى اجواء موسيقى وفرح وغناء لساعات طويلة.
وقد كان للشيوعيين في العمل النقابي في لبنان دوراً كبيراً واساسياً، ومن أبرز رموزهم نقابياً القائد المؤسس فؤاد الشمالي، ثم مصطفى العريس، والياس البواري، وسعد الدين مومنة، والياس الهبر وعديدون غيرهم. فللتحرك النقابي تاريخ طويل من النضال في صفوف العمال، والعمل على توحيد تحركهم دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم، والنجاح بتحقيقها بقدر ما تكون القيادات النقابية مستقلة عن التبعية للسلطة.
-----
وبالنسبة إلينا في انطلياس، فقد وصلنا من الشيوعيين القدامى فيها، إن مسرحية " نزهة ريفية غير مرخص بها" للمخرج يعقوب الشدراوي عام 1984، في الذكرى الستين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، قد جرت احداثها في لقاء عشرات الشيوعيين وعائلاتهم في الأول من أيار، في وادي انطلياس شرق الفوار وبعيدا عن السكن، فأقدمت القوى الأمنية على مداهمة هذا التجمع الذي كان يتحدث فيه الشاعر الشيوعي قبلان مكرزل، وكانت نتيجة تحقيق الضابط في جديدة المتن مع قبلان مكرزل ان المخالفة هي نزهة ريفية غير مرخص بها.
لقد كان التركيز في هذا العيد على اهمية العمل المتواصل مع العمال والكادحين خصوصاً في المؤسسات التي يتعدى عملها ودورها المؤسسة نفسها. بل يتعلق بوسط اوسع في البلد والناس، مثل الكهرباء والمياه والمرفأ، والنقل وغيره. فالعمال هم قوة الانتاج الاساسية المحرك لدولاب العمل، وهم في الوقت نفسه ضحايا الاستغلال الراسمالي واساليب السلطة خصوصاً في بلدنا باستخدام الطائفية لتفرقة صفوفهم وابقاءهم ضعفاء امام سلطة الاستغلال والظلم الاجتماعي. مع ان شعورهم بوحدة معاناتهم ومصالحم يجعلهم أكثر قابلية للتحرك من اجل حقوقهم ومطالبهم وتجلى ذلك ب انتفاضة17 تشرين، والإضرابات الجارية، ويصل تراكم الوعي للوسط الطليعي منهم إلى إدراك ان نضالهم لا يقتصر على مطالب اقتصادية على ضرورتها، بل يصل الى هدف التخلص من استغلال الإنسان للإنسان. وهم بطبيعة دورهم النضالي لتحرير أنفسهم كطبقة، إنما يحررون المجتمع بكامله. فإنهم القوة الاساسية في النضال التحرري الوطني والاجتماعي.
تحية لعمال لبنان وفلسطين والبلدان العربية والعالم في عيدهم
وتحية لأرواح شهداء غزة وفلسطين ولبنان ومقاومتهم للإجرام الفاشي الصهيوني والأميركي.
عاش الأول من أيار

  • العدد رقم: 423
`


موريس نهرا