تحالف الخصوم يودي بنتنياهو

تماماً كما اسم حزبه السياسي، فقد أصرّ يائير لابيد أن "هناك مستقبل" للكيان الصهيوني ولكن هذه المرّة من دون بنيامين نتنياهو.

وكان له ما أراد فقد أيدّ الكنيست الإسرائيلي في جلسته المنعقدة يوم الأحد في ١٣ حزيران تشكيل حكومة ائتلافية. هذا التطور في الساحة السياسية الإسرائيلية أنهى حقبة بنيامين نتنياهو والتي استمرت ١٢ عامًا متتالية كرئيس للوزراء. الائتلاف الحكومي يضمّ أحزاباً من اليسار واليمين بالإضافة إلى القائمة العربية المشتركة، وتمّت الموافقة عليه بأغلبية ضئيلة للغاية وهي ٦٠ مقابل ٥٩ مقعداً، ومن المرجّح أن يستمر حتّى أيلول/ سبتمبر ٢٠٢٣. وبما أنّ الاتفاق ينصّ على المداورة بين الرئيسين بينيت ولابيد، فإنّ بينيت سيترأس الحكومة فور الاتفاق على الوزراء والحصص (٢٠٢١) وحتى أيلول ٢٠٢٣، ومن بعدها سيخلفه لابيد من أيلول ٢٠٢٣ وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٥ هذا إن لم ما يطرأ أي شيء جديد من الان وحتى ذلك التاريخ.

 

وفي تعليقها على هذه التطورات، قالت جريدة الاخبار اللبنانية، أنّ هذه الحكومة ستبقى حتى آخر يوم في عهدها، تسير على حافة التفكّك عند كلّ محطة، وتستعين بشبح عودة نتنياهو لتعزيز التلاحم بين أطرافها، إلى أن يستجدّ معطًى داخلي أو إقليمي يفجّرها أو يدفعها إلى تجاوز تبايناتها. وتضيف الصحيفة:" اجتمع أقصى اليمين مع أقصى اليسار في حكومة واحدة، بل وانضمّت إليهما كتلة «القائمة العربية الموحّدة»، للمرّة الأولى في تاريخ إسرائيل. هذا الكمّ من التناقضات لم يجتمع على قضية قومية أو أمنية، بل فقط من أجل إطاحة شخص نتنياهو من رئاسة الحكومة. وهكذا حدث ما كان يراهن نتنياهو على أن خصومه في معسكر اليمين لن يجرؤوا عليه، بالتحالف مع اليسار والعرب. وقد كشف فشله في إحباط هذا المسار، عن أنه بالرغم من أن مصلحته تقتضي إشعال الوضع الإقليمي، ولو على إحدى الجبهات، حجم معادلات القوة التي تضبط الساحة الإقليمية، وحضورها القوي لدى المؤسّسات في كيان العدو، وأن هذه المؤسّسات لها الكلمة الفصل عندما ترتفع نسبة المخاطر على الأمن القومي الإسرائيلي".

 

التطورات التي آلت اليها السياسة الإسرائيلية لا يجب أن تغفل حقيقة أنّ من خلف نتيناهو هو أكثر يمينيةً منه. نجاح الكتل البرلمانية في إقصاء نتيناهو أفضى إلى معطى جديد وهذا مؤكد ولكن كان لكلّ من لابيد وبينيت مواقف أكدّت نظرتهما العدائية للحقوق الفلسطينية والعربية وتأييدهما نهج الحرب والعدوان. على سبيل المثال، فإنّ رئيس حزب يمينا، نفتالي بينيت، يتجاوز عدائية نتنياهو وإرهابه ضد الفلسطينيين لا بل أعاب عليه عدم الدخول البري الى غزة (أيار ٢٠٢١) واعتبر ذلك تذبذباً من حكومة الليكود. وخلال كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي، عبّر بينيت عن معارضته لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، مُكّرراً القول إن اسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وستحافظ على حرّية عمل كاملة، في موقف مطابق في المضمون والمفردات للخطاب الذي لطالما اعتمده نتنياهو.

 

باختصار، تحمل حكومة ائتلاف لابيد – بينيت بذور انشقاقها في ضعفها وهشاشتها إذ لا عاملَ وحدةٍ موجوداً إلّا الإطاحة بنتنياهو لذا لا يتوقع الكثير منها. على المقلب الآخر، نتنياهو الذي يواجه السجن وإنهاء مستقبله السياسي لن يسكت وسيحاول بعلاقاته مع أحزاب اليمين استعادة السلطة إلّا أن هامش المناورة لديه ضيّق جداً ويبدو أنه قد انتهى فعلياً كنهج سياسي. مما لا شكّ فيه أنّ أزمة الكيان الاسرائيلي في الحكم تتعمّق ولا تُحل. وفي حال سقطت الحكومة الهجينة يوماً ما لأي سبب من الأسباب، فإنّ ذلك قد يدفع الكيان الصهيوني إلى إجراء انتخابات عامة هي الخامسة في غضون عامين!  تطوراتٌ كثيرة تجري على الحلبة السياسة الصهيونية سيكون لها من دون شكّ تأثير واضح في رسم مستقبل هذا الكيان وعلاقته بكلّ من حوله بدءاً بفلسطين المحتلّة وصولاً إلى دول الطوق.