الضفة على فوهة بركان: رام الله تدخل المعركة بأربعة شهداء دفعة واحدة

تخيم حالة من التوتر على الضفة الغربية والقدس بمعظم محافظاتها، تختلف المشاهد، التفاصيل والأحداث فتتصاعد في مناطق وتخفت في أخرى لتعود وتتصاعد من جديد. أما السمة العامة للحالة فهي ولادة جديدٍ فلسطينيّ بما تحمله الولادة من مخاضات وألام، هو ثمنٌ يدفعه الجانب الفلسطيني نتيجة الحراك المقاوم الجديد الذي يثبت جدارة وكفائة عالية ويستمر بوتيرة متصاعدة من حيث النوع والكم.

عمليات اطلاق النار أصبحت الخبز اليومي لجنود العدو على تخوم جنين ونابلس، وتساندها في كثير من الأمسيات الفلسطينية مدن عديدة، تتوسع حالة الإشتباك الفلسطيني لتشمل كل المدن بالإضافة للعديد من العمليات النوعية التي تستهدف قوات العدو أو قطعان المستوطنين من حين لأخر، وأخرها عملية تفجير الباص في القدس التي أعادت للوجدان الفلسطيني ذكريات أيام المجد المقاوم لينتقل المجد من ذكرى لحالة يعيشها الفلسطيني يومياً. وبقدر أهمية تأثير العمل المقاوم على الجانب الفلسطيني فالأهم هو الأثر الذي يتركه في الجانب "الإسرائيلي". فوصف إعلام العدو العملية بالكابوس وعادت بهم الذاكرة لفترة الإنتفاضة الثانية، هي حالة رعب يجب أن يعيشها المحتل كل لحظة ويصنعها الفلسطيني بأبسط الإمكانيات. ولا تقف أهمية الحدث عند هذا الحدّ فكما أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي وكما هو واضح أيضاً فإن العملية تعبر عن بنية تحتية منظمة للمقاومة في القدس وما لم يقله الوزير أنها بنية تحتية منظمة لم يستطع جهاز الشاباك حتى الساعة معرفة أي تفصيل عنها عدا حجم العبوة وعدد قتلاه وجرحاه.
لم تستطع أجهزة أمن العدو تقديم أي معلومات للرأي العام حول العملية وحول الفشل المستمر في لجم العمل المقاوم بل أنه ورغم كل البطش مازال يتصاعد والأخطر أنه يتطور، فهنا تأتي ردة الفعل الإسرائيلية بالشكل الذي عودتنا عليه مزيد من البطش ومزيدٌ من الاستهداف للمدنيين وزيادة في عمليات الإغتيال.
بيرزيت ودعت أبطالها بحشدِ مهيب:
كان لرام الله حصة الأسد من ارهاب الدولة فحصدت ألة القتل الصهيونية 4 شهداء في يوم واحد بينهم الأخوين ضافر وجواد الريماوي. ضافر(21 عاماً) الطالب في كلية الهندسة في جامعة بيرزيت وأخوه جواد (22 عاماً) خريج التجارة من الجامعة نفسها. قتلت قوات الإحتلال الأخوين بطريقة العصابات الإرهابية، حيث أطلقت النار من داخل العربات المصفحة على صدر ظافر الأخ الأصغر ما أدى لسقوطه فوراً فهرع أخاه لإنقاذه فأردوه فوقه شهيداً في مشهد يعيد للأذهان صورة محمد الدرة.
بمشهدٍ مهيب وبمشاركة الألالف شيّع جثمانيّ الشهيدين في حرم جامعة بيرزيت وسط هتافات الطلاب التي عاهدت الشهداء على مواصلة الطريق والنضال حتى التحرير. وفي اتصال مع أحد الطلاب ذكر أنه يومٌ حزين لطلاب بيرزيت بأن يودعوا اثنين من خيرة طلابها وقال: "نحن ندرك أن الشهادة أمر وارد في كل لحظة وأنه الثمن الذي كتب علينا أن ندفعه ولكن الوداع صعب، أنه يومٌ أسود وحزين ولكنه ملئنا بالعزيمة لمواصلة الطريق، كان حدثاً صعباً ولكن المشهد كان مختلفاً هذه المرة فلم تشهد الجامعة هكذا حدث منذ مدة طويلة، الغضب يملئ قلوب الألاف ولا بد للإحتلال أن يدفع الثمن."
وفي جانب أخر سقط في اليوم نفسه الشهيدين راني أبوعلي ورائد النعسان أيضاً في رام الله ومفيد اخليل في مدينة الخليل.
من رام الله ننتقل لجنين بؤرة النار التي لا تهدئ فقد شهدت بلدة "يعبد" اشتباكات مسلحة بين المقاومين وجنود الإحتلال استمرت لساعات استشهد على أثرها محمد بدرانة لتنتقل المواجهات ليلاً لمخيم جنين وللبلدة القديمة في نابلس بالأضافة للعديد من الإشتباكات المسلحة والشعبية في مناطق متفرقة في القدس والضفة. وفي الصباح الباكر قامت قوات العدو بإغتيال قائد كتيبة جنين الشهيد محمد السعدي والقائد الميداني نعيم الزبيدي وحتى لحظة كتابة هذا المقال كان الوضع الميداني مشحوناً للغاية، إجرام "إسرائيلي" مستمر وتصدي بطولي فلسطيني.
إسرائيل مأزومة سياسياً وأمنياً وتصاعد العمل المقاوم يحرج القيادة السياسية ويعمق الأزمة الداخلية، إنها فرصة تاريخية أمام الفصائل الفلسطينية لإستعادة ثقة الجمهور الفلسطيني ولتصعيد المواجهة وتوجيهها وتنظيمها لتصبح أكثر فعالية، إن هذا الأمر هو أكثر ما يقلق الجهاز الأمني للعدو. سيستمر البطش الإسرائيلي ولكن الشعب الفلسطيني يعلم جيداً أن هذا ثمن الحرية وهو يثبت جيلاً بعد جيل أنه شعبٌ يستحق الحرية وأن شمسها ستشرق على ربوع أرضه يوماً ما.

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 410
`


علي إسماعيل