الفياغرا والحمير

في ١١ حزيران الفائت، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمواطن اشتكى لوزير الثقافة والآثار العراقي، حسن ناظم، سوء الأحوال المعيشية في ظلّ رعايته لتسعة أطفال، قبل أن يقاطعه الوزير متهكّماً " بتآخد فياغرا؟ ".

في ١٧ حزيران، قال وزير الطاقة اللبناني، ريمون غجر، أنّه وفي حال وصل سعر تنكة البنزين الى ٢٠٠ ألف لبنانية، المواطنين " فيهن يركبوا شي تاني". إنّ هَذين التصريحان المفترض أنهما صادران عن أشخاص يتبوّأون مناصب حكومية رفيعة، يدلّان على عقلية من هم في سدّة المسؤولية في بلادنا العربية إذ يتّسم أنهما كنموذجين يمثّلان قلّة مسؤوليةٍ وعدمَ درايةٍ واستهتاراً بقضايا المواطنين وحياتهم اليومية. هذان التصريحان صدرا بفارق زمني مدتّه أسبوع واحد. مخيف ذلك التشابه في أحوال لبنان والعراق. في كلا البلدين، نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية، ارتهان طيفٍ واسع من الأحزاب السياسية فيهما لقوى وأجندات إقليمية ودولية، وتاريخ طويل من الاستعمار والاحتلال (الداخلي والخارجي). التشابه في هذه العوامل أدّى إلى انفجار الأوضاع الاجتماعية في البلدين بفارق ثلاثة أسابيع، فقد سبقت الانتفاضة العراقية (١ تشرين الاوّل ٢٠١٩)، الانتفاضة اللبنانية (١٧ تشرين ٢٠١٩) في مفارقة بدت لافتة في التوقيت والمضمون.

وإذا كان هَذان التصريحان الرسميان يختصران بعض نماذج الحكم في الدول العربية، فإنّ الشعب في كلا البلدين قدمّا مشهدين آخرين يدلّان على عمق ما تختزنه الشعوب عندما تصل الأوضاع إلى حدّتها الأقسى. هل تذكرون رجلاً يدعى منتظر الزيدي ..؟ فقد قام الأخير بقذف حذائه على الرئيس الاميركي جورج بوش أثناء مؤتمر صحافي عقد في بغداد عام ٢٠٠٨. هذا في العراق، أمّا في لبنان، فكلّنا يتذكّر ملاك علوية والتي لُقِّبَت ب " أيقونة الثورة اللبنانية". علوية كانت قد ركلت بكلّ شجاعة أحد مرافقي وزير التربية والتعليم السابق اللبناني، أكرم شهيّب عندما صوّب حرس الوزير نيران أسلحتهم صوب المتظاهرين السلميين في محاولة لفتح الطريق وإبعادهم عنوةً في أولى أيام الانتفاضة الشعبية اللبنانية.

فلتكن الركلة والحذاء معادلة من يستخفّ بقضايانا، وبوجه من يعدنا بتقنين الفياغرا وزيادة الحمير ...!