"مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي اللبناني: أكبر منظمة إرهابية على وجه الأرض هي "إسرائيل

نلتقي اليوم ونحن نرى وحشيّة الكيان الصهيوني، ينقضّ قتلاً وتجزيراً بأهل غزة، إذ وصل حدّ الإجرام إلى قصف مستشفى لجأ إليه المواطنون للاختباء من قصفه، فقتل أكثر من 500 منهم بضربةٍ واحدة، تحت غطاء دوليّ واسع من الحكومات الأطلسية. وها هي الدول الأوروبية تدخل شريكةً في الجريمة أيضاً مع اصطفاف معظم قواها السياسية في الحكم والمعارضة خلف آلة الحرب والقتل الصهيونية.

ألقى مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي اللبناني الرفيق عمر الديب كلمة في اللقاء العالمي للاحزاب الشيوعية والعمالية في ازمير - تركيا، جاء فيها،

نلتقي اليوم ونحن نرى وحشيّة الكيان الصهيوني، ينقضّ قتلاً وتجزيراً بأهل غزة، إذ وصل حدّ الإجرام إلى قصف مستشفى لجأ إليه المواطنون للاختباء من قصفه، فقتل أكثر من 500 منهم بضربةٍ واحدة، تحت غطاء دوليّ واسع من الحكومات الأطلسية. وها هي الدول الأوروبية تدخل شريكةً في الجريمة أيضاً مع اصطفاف معظم قواها السياسية في الحكم والمعارضة خلف آلة الحرب والقتل الصهيونية.

آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى، وكميات من المتفجرات الأميركية الصنع توازي في كميتها ربع قنبلة هيروشيما جرى إسقاطها على قطاع ضيّق يعيش فيه أكثر من مليوني شخص تحت حصار برّي وبحري وجويّ منذ عقود طويلة.

وفيما دعت الأحزاب الشيوعية حول العالم إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، كانت القوى الأخرى تقف في صف الكيان المحتلّ. لقد رفعت التظاهرات التي عمت العالم، وبشكل خاص في أوروبا، بمشاركة الشيوعيين واليسارييين والجاليات العربية من معنويات الشعب الفلسطيني الرازح تحت الحصار، لكنّ عدد قليل من الأحزاب الصديقة سارعت إلى إدانة ما سمته "الإرهاب" الفلسطيني، فشكّلت طعنةً في خاصرة هذا الشعب المقاوم.

إنّ الأحزاب الشيوعية في منطقتنا تسجّل رفضها لهذا الموقف داخل الحركة الشيوعية، والتي يقترب بعضها من التماهي مع مواقف حكوماتها. فأين تراث وتاريخ هذه الأحزاب التي قاومت النازية بالسلاح حتى هزمتها؟ نقول لرفاقنا، الذين ندعوهم إلى مراجعة موقفهم، أنّ أكبر منظمة إرهابية على وجه الأرض هي "إسرائيل" نفسها.

يرتدي هذا الاجتماع أهميته الفائقة في خضم الحرب الجارية في أوكرانيا وتحولت بسرعة الى حرب عالمية بأشكالها المختلفة، مع تدخل الناتو تسليحاً وتدريباً وتجهيزاً فيها. فمع تفاقم الأزمة الرأسمالية خاصة في المراكز الإمبريالية، تعمل هذه الدول على محاولة الخروج منها عن طريق العدوان والعقوبات وشن الحروب على الدول الصاعدة وفي مقدمتها روسيا والصين. بذلك تأخذ الحرب بعداً مصيرياً لتوازن القوى في العالم، ومن مصلحتنا ألّا يخرج الأميركيون بانتصارات سياسية أو عسكرية فيها على الإطلاق.

لقد انعكست هذه الأزمات بوضوح ساطع في منطقتنا، حيث تعاقبت الصيغ المختلفة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية واعادة تقسيم المنطقة ودولها على اسس طائفية ومذهبية لكنّ شعوب منطقتنا تصعّد اليوم نضالها لإلحاق الهزيمة بنهج الهيمنة الإمبريالية. إنّ القضية الفلسطينية اليوم تشكّل محوراً أساسياً في الصراع ضد الصهيونية وضد الامبريالية في آن، حيث يخوض شعب فلسطين مواجهات المشرّفة ضد الاحتلال، من أجل منع العدو من تنفيذ مخططاته بالسيطرة الكاملة على فلسطين وتهجير شعبها، ويرسمون بمقاومتهم أفق تحرير فلسطين، وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى الأراضي التي هجروا منها.

في هذا الإطار، وفي ظلّ الأزمة الرأسمالية المتفاقمة، من الضروري ان تركز الحركة الشيوعية على تمايزها عن التيارات السياسية التي تصنّف نفسها "مناهضة للنيوليبرالية" فيما هي تسعى لبناء رأسماليات ملطّفة دون المسّ ببنية الرأسمالية نفسها. وكذلك من الضروري للحركة الشيوعية أن تتمايز عن القوى القومية والوطنية والمذهبية التي تواجه الهيمنة الأميركية لكنّها تتمسك ببقاء أنظمتها الرأسمالية في دولها. إننا نؤكد على تلازم ووحدة الموقف والنضال ضد الرأسمالية على اختلاف مظاهرها وأطوارها باعتبارها نظام استغلال الانسان للإنسان، من اجل تحقيق مصالح الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة وبناء الاشتراكية.

لقد انتفضت شعوب منطقتنا وما زالت ضد الأنظمة الرأسمالية والاستغلالية والقمعية، رغم اختلال موازين القوى لصالح الأحزاب البورجوازية والأحزاب الطائفية.

في لبنان، وبدل تغيير هذا النظام السياسي الطائفي، كما طالبت انتفاضة شعبنا في 17 تشرين بإقامة دولة علمانية ديمقراطية، يجري تحميل الشعب اللبناني نتائج فشل سياسات المنظومة الحاكمة. لقد وصل لبنان الى قعر الانهيار، في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر والهجرة، وفي إنهيار القوة الشرائية للدخل ومرافق الخدمات العامة الأساسية وتفكّك منظومة شبكات الحماية الاجتماعية. كما تفاقمت أزمة المعيشة مع ارتفاع اسعار الدواء وتحرير اسعار المحروقات والكهرباء، وفقدت الأجور ما يزيد عن ال 95% من قيمتها الشرائية.

إنّ الاتفاق الاخير بين لبنان والعدو الاسرائيلي عبر الوسيط الاميركي على ترسيم الحدود وتقاسم الثورة النفطية أدى إلى إهدار حقوق لبنان بمياهه الإقليمية، حيث تمّ تأكيد سيطرة إسرائيل على حقول متنازع عليها فبدأت بإنتاج الغاز فيما تشير الدراسات الأولية إلى أنّ المنطقة البحرية التي اكتفى لبنان بالمطالبة بها وراء الخط 23 من الحدود البحرية، ستكون خالية من الثروات الطبيعية. إنّ هذا دليل إضافي على الخيانة الوطنية التي ارتكبتها قوى السلطة الحاكمة وعلى إهدارها ثروات لبنان لإرضاء الوسطاء الأميركيون والشركات الفرنسية الطامعة ببدء استخراج الغاز.

كان حزبنا ولا يزال في المواجهة في الشارع والعمل النقابي والمناطقي والبلدي، من اجل بناء الدولة العلمانية الديمقراطية المقاومة على طريق الاشتراكية، وبناء اقتصاد وطني منتج، وتعديل النظام الضريبي في اتجاه تصاعدي على الثروة والأرباح وحماية الأجر الاجتماعي ومحاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ. ويدعو الحزب إلى قيام دول علمانية ديمقراطية في منطقتنا العربية، بديلاً من أنظمة الاستبداد والتطبيع والتخلف والرجعية والتبعية.

كما يؤكد حزبنا على موقفه الدائم في التضامن مع كوبا الثورة التي تتعرض للحصار الاميركي المجرم منذ 63 عاماً، ويقف إلى جانب شعوب أميركا اللاتينية ضد التدخلات الأميركية، ويرحب بموقف الرئيس الكولومبي المتضامن مع فلسطين. يحيي حزبنا الرفاق في الحزب الشيوعي التركي على نضالاتهم المستمرّة، ويشكر الرفاق في الحزب الشيوعي اليوناني على تضامنهم ضد قرار منع أيقونة المقاومة اللبنانية الرفيقة سهى بشارة من دخول اليونان. ونؤكد مجدداً على انخراطنا في النضال المقاوم مع الشعب الفلسطيني وقواه اليسارية والتقدمية، وعلى التزامنا بتحرير أراضي لبنان المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، واستعادة رفات جثامين شهداء الحزب الشيوعي اللبناني التسعة الذين ما زالت تحتجزهم إسرائيل.

 عاش التضامن الأممي، عاش النضال من أجل الاشتراكية.

*من كلمة مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق عمر الديب في اللقاء العالمي للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمي

إزمير، 21 تشرين الأول 2023.

  • العدد رقم: 418
`


عمر الديب