هلال العمّال

 هلَّ الواحدُ من أيار بكسوفٍ فاضحٍ هذا العام، كاشفًا عورات الموروثات السياسية والإجتماعية والحياتية والنقابية، بسابقةٍ غير مشهودٍ لها في ظلِّ انقسامٍ واضحٍ في الهيكلية الإجتماعية.

مؤسف واقعنا المتردّي!!

مؤسف انقسامنا وتشرذمنا!!...

لن يرحمنا التاريخ، ولن يرحمنا أبناؤنا لمساهمتنا بما يحدث، وما سيحدث لو لم نتّحد...

عمّالنا الذين يعانقون ولادة الشمس عند الصباح...

يرتدون أذيالهم المكسوَّةَ بالمهانة والذلِّ كوشمٍ موسومٍ بالتعب...

ينحرون نهارات العمر خلف حقول عارية...

تتخذ أشكال أجسادٍ نحيلة تموجُ كجذوعِ نخلٍ خاوية...

يمنحون حياةً لموتٍ محتَّم، وشبه مؤكد.

يا لبؤسهم ويا لخيبتهم...

يلملمون شتات الرزق المتناثر كالملحِ على حبات المطر... تشهد عليهم خشونة أياديهم، وظلافة عيشهم، متناسين غافلين عن جروحهم غير آبهين بفقْدِ بريق ورونق أعينهم، وانحناءة ظهورهم متسلحين بطقوس صلاة لا روح فيها، مُتَحَدّينَ الصبرَ بعزيمةٍ وإصرار.

يمسحون جفاف عرقهم...

يحلمون بكسرةِ خبزٍ في تنور حقولهم...

يقفون على شرفة الحياة...

ينشدون عيشاً كريماً يستر عوائلهم، مكللّاً بالعزة والكبرياء...

عمالٌ... فلاحون... طلبة...

دقّ بابهم التعب باكراً...

زنَّر سواعدهم، وزيّنها بسنابل القمح وشتائل التبغ، وعلم منشود.

ثقيلة تلك الإشراقات التي لا خبز فيها، والرَّحى تدور وتعجن في بيوت الأثرياء...

ما أثقل هموم الفقراء التي تتجسّد بقوتِ يوم...

يرزحون تحت عبءِ إغاثة من مؤونة الأقوياء...

لا تذلّوهم، فالذلّ إنكسار.

لا ضمان شيخوخة ليهدأ بالهم ويفيهم حقهم بعد أوانِ راحة أجسادهم الحانية...

حقهم بعدالة فُقِدَت على مرِّ السنين...

عدالة تنصف شهداءَهم ذكوراً وإناث...

لا بدّ لنزفِهم أن يصدح عند الفجر، وعند كل أوان...

لا بدّ لهذا الليل أن ينجلي، ويشرق حبّاً وقمحاً وحرية...

لا لن يموت هذا الحق لمن يعي قيمة الحق والمحبة والعطاء.

 

كما قال مظفّر النواب:

"لا تلُمِ الكافرَ في هذا الزّمن الكافر...

فالجوع أبو الكفار...

مولاي:

أنا في صفّ الجوع الكافر

ما دام الصفّ الآخر يسجد من ثقل الأوزار...

وأعيذك أن تغضب مني

أنت المطوي عليك جناحي في الأسحار"...

 

ليكن هذا اليوم المجيد يوم الثورة على المفاهيم البالية، والقوانين المهترئة والأنظمة الأوليغارشية، ولتسقط كل الشعارات التي تقود إلى الهزيمة والإنكسار، وليكن عيد العمال يوم القوة...

يوم العمل...

يوم الإتحاد...

وفي الاتحاد قوّة...

تحيةً لكلّ عاملٍ من بلادي...

تحيةً لكلّ ثائرٍ في وطني وقف في وجه الظلم والإستبداد...

تحيةً لكلّ إمرأة وقفت وساندت وساعدت وعبّرت عن ألمها من هذا الواقع وحلمت بالأفضل...

على أن يكون العام المقبل عاماً بدرُهُ مكتملاً...

 

 

  • العدد رقم: 376
`


سميحة شعبان