"ائتلاف الحق في السكن": بنايات فارغة وسكان مشرّدون

 

طالب "ائتلاف الحق في السكن" بتنفيذ سياسات فورية لضبط سوق الإيجارات، وتحديد بدلات الإيجار، وفق مؤشراتٍ تأخذ في الاعتبار تضخّم الأسعار وتراجع قيمة العملة الوطنية والأجور، وإلزام أصحاب الشقق إبرام عقود الإيجار بالليرة اللبنانية، وعدم إخلاء أي مستأجر، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.

ينطلق هذا "الائتلاف"، الذي تشكل حديثاً من مجموعات مدنية ناشطة، من مبدأ ضمان الحق المتساوي في السكن لكل المقيمين في لبنان. وذلك بغية وضع سياسات سكانية عادلة، لأن السكن ليس مجرد سلعة كما هي الحال اليوم في لبنان. بل حاجة اجتماعية تقع في صلب الأولويات أسوة بالصحة والتعليم. وراقب الائتلاف عن كثب كيف أضعف مسلسل الانهيارات اللبنانية الحق في السكن الواهن أصلاً. وفاقم من الأزمات التي تعاني منها الفئات الأكثر هشاشة قبل غيرها.

سلسلة الانهيارات

واعتبر "الائتلاف" أن لبنان مر منذ بداية العام 2020 بسلسلة من الانهيارات المالية والاقتصادية وإفلاس المصارف وحجز ودائع المواطنين، وترافق مع انهيار اجتماعي أفقر المواطنين نتيجة تدهور سعر الصرف والتضخم. هذا فضلاً عن الانهيار الصحي الذي خلفته جائحة كورونا، ليأتي بعدها انفجار مرفأ بيروت، الذي قضى على أحياء سكنية برمتها، كاشفاً إهمال المسؤولين اللبنانيين، وعدم مبالاتهم بحياة مئات العائلات ومقتنياتهم ومساكنهم.

وأوضح "الائتلاف" أن المصارف اختزلت السياسة الوطنية السكنية باللجوء إلى الإقراض السكني للتملك دون غيره. ما حوّل أزمات الناس ومعاناتهم إلى قضايا فردية تبقى دائماً الطرف الأضعف في المعادلة. أما تضخم سعر صرف الليرة، فأدى إلى إفقار المواطنين بالجملة، محولاً الطبقات الوسطى إلى فقراء، والفقراء إلى بؤساء. وأتت جائحة كورونا وألقت بثقلها على من ليس لديهم مدخرات، لأنهم بحاجة لعملهم اليومي لإعالة عائلاتهم.

ورأى "الائتلاف" أن المآسي التي تعاقبت تدلّ بما لا يتحمل الشك أن السكن اللائق والمستقرّ، والذي يعزز علاقة المواطنين بأحيائهم وشبكاتهم الاجتماعية والاقتصادية بما يتناسب مع مداخيلهم، يجب يكون إحدى دعامات العقد الاجتماعي الجديد.

الدولة لم تستجب

واعتبر أن استجابة السلطات للكوارث المتتالية التي نكبت البلد، كانت دون المطلوب ومختلة وأحياناً ضارة. فتمديد قانون المهل (160/ 2020) لم يتطرّق إلى أزمة السكن ككل كما استثنى الإيجارات القديمة، مما يساهم بتسريع وتيرة الاخلاءات. أما قانون تعليق تسديد القروض السكنية فلا يحمي المتعثّرين قبل تاريخ 1/7/2020 من الإخلاء. كذلك، لم تُربط الإعفاءات من الرسوم البلدية بأي آليةٍ لحماية الحقوق السكنية في الأبنية المؤجّرة. كم أن قانون "حماية المناطق المتضررة جراء انفجار المرفأ ودعم إعادة إعمارها" الصادر في 30 أيلول 2020، تغيب عنه أيّ حماية للنسيج السكاني ويختزل معالجة أزمة السكن بتمديد عقود الإشغال لسنة واحدة فقط. أي تأجيل إيجاد حل طويل الأمد للمشكلة. هكذا، اختصرت الدولة اللا مسؤولة استجابتها للأزمة في مجال السكن، غير مكترثة بتعريض السكان لمزيدٍ من العنف وعدم الاستقرار والخطر الصحّي.

مطالب فورية

وطالب "الائتلاف" بإجراءاتٍ سريعة وفورية تشمل جميع المستأجرين من دون تمييز وهي: ضبط سوق الإيجارات، وتحديد بدلات الإيجار وفق مؤشراتٍ تأخذ في عين الاعتبار تضخّم العملة والأجور، وفرض إبرام عقود الإيجار بالليرة اللبنانية، وحماية المستأجرين من أعباء زيادة كلفة الإيجار وضمان استمرارية سكنهم، وحماية المستأجرين بلا عقودٍ من ممارساتٍ تهدد سكنهم أو تستغل شروط الإقامة والكفالة لغير اللبنانيين، لترهيبهم وتهديد أمنهم السكني، واتباع سياسة صفر إخلاء، وإقرار برنامجٍ دعم المالكين والمستأجرين ذوي المداخيل المحدودة وتأمين سكن بديل بظروفٍ مناسبةٍ لكل حالة إخلاءٍ على حدة، وإقرار آلية لحماية جميع المتعثّرين في دفع أقساط قروضهم السكنية، وحماية السكان في المناطق المتضررة من الانفجار، وتسريع إعادة التأهيل المساكن، وتمديد الإيجارات طيلة فترة إعادة التأهيل والترميم.

على المدى المتوسط

وطالب بوضع سياسات تتناسب مع الأزمات لتنفيذها في المدى المتوسط وهي: وضع نظامٍ ضرائبي مدروسٍ على الشقق الخالية، وفرض نظام ضريبي لحث المالكين على تأجير شققهم ضمن مهلة زمنية معينة، وبعد مرور المهلة، وضع آلية لإشغال جميع الشقق الخالية في المباني التي شيّدت بعد عام 1992، وربط الضرائب بتمويل برامج للسكن الميسّر، ودعم المالكين الصغار والقدامى في إعادة تأهيل الأبنية بهدف عرضها للإيجار، وتفعيل دور البلديات في تأمين السكن الاجتماعي وصيانة الأبنية ضمن نطاقها، وتحويل جزءٍ من أملاك البلدية إلى مشاريع للسكن الاجتماعي، وإطلاق مشروع صيانة الأبنية القديمة لحفظ سلامة السكان والسلامة العامة وحماية السكان المهدّدين بالإخلاء بذريعة تصدّع المباني، وتخصيص ميزانيةٍ لبرامج سكنيةٍ تزيد من مخزون السكن الميسّر في المدينة، وإطلاق ورشةٍ وطنيةٍ لوضع قانونٍ شاملٍ يضمن الحق في السكن وينظّمه.

المجموعات المشاركة

تجدر الإشارة أن "ائتلاف للحق في السكن" تشكل حديثاً وما زال مفتوحاً لانضمام مجموعات أخرى. ووقع البيان المجموعات التالية: استوديو أشغال عامة، وحركة مناهضة العنصرية، والمفكرة القانونية، ولحقي، وبيروت مدينتي، ومختبر المدن بيروت، وتيار المجتمع المدني، ومهنيات ومهنيون هندسة، ونادي السنديانة الحمراء في الجامعة الأميركية في بيروت، والنادي العلماني في الأميركية في بيروت، واللجنة الأهلية للمستأجرين في لبنان، والاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، والحركة الشبابية للتغيير، وكافح، ومبادرة للمدينة (صيدا)، وشبكة مدى، وحملة تحت السقف (طرابلس)، والمرصد الشعبي لمحاربة الفساد، وعن حقك دافع.