عام على تفجير الرابع من آب الحقيقة مطلب معلّق برعاية نواب النيترات وتحفظّهم

في الرابع من آب المقبل تحلّ الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت، الذي صُنّف كثالث أعظم جريمة في تاريخ البشرية بعد انفجار هيروشيما وناكازاكي، ولا يزال الضحايا بانتظار الوصول إلى الحقيقة ومعرفة من المسؤول عن الإهمال الذي تسبّب بهذه المجزرة التي دمّرت مدينة عن بكرة أبيها، وخلّفت مئات الشهداء وآلاف الجرحى. عامٌ كامل بانتظار عدالة معلّقة في أروقة السياسة وتقاذف الاتهامات بين جهة وأخرى، في ما لا يعني تحقيق هذه العدالة إنصاف الضحايا وحسب، وإنما تأكيد أبسط حقوق المواطنة وهو العيش في كنف دولة قادرة على ضمان أمان وسلامة وكرامة أبنائها ومعاقبة كلّ من يهدّد عن قصدٍ أو غير قصد هذه الحقوق.

بعد مرور أربعة أشهر على تسلّمه ملف تفجير مرفأ بيروت خلفاً للقاضي فادي صوان (19/2/2021)، أفرج المحقّق العدلي القاضي طارق بيطار عن سلسلة ادّعاءات تضمّنت أسماءً جديدة إضافة إلى تلك التي كان صوان قد سجّلها، وقد طالت هذه الادّعاءات عدداً من النواب والوزراء السابقين وكبار قادة الأجهزة الأمنية. إذ بتاريخ 2/7/2021 وبعد الإنتهاء من مرحلة الإستماع إلى الشهود، حدّد القاضي طارق بيطار، موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، كمدّعى عليه في القضية، من دون أن يعلن تاريخ هذا الاستجواب. كما وجّه كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كلٍّ من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للإدعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجّه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الإذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس من أجل إعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك تمهيداً لاستجوابهم.

وبذلك يكون بيطار قد استفاد من أخطاء سلفه، الذي كيلت إليه تهم مخالفة الأصول القانونية، وتخطّي الحصانات، وهو يكون بذلك قد أحرج جميع المعنيين من خلال وضعهم جميعاً أمام مسؤوليتهم، ولم يبقَ أمامهم سوى القبول بطلبه وإثبات صدق نواياهم في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة وإلّا فهم جميعاً شركاء في هذه الجريمة.

القاضي بيطار يربك نظام الزعامات والمحسوبيات

تحرّكات القاضي بيطار السريعة والمدروسة في آن، أربكت السلطة السياسية حقيقةً، وقد تجلّى ذلك في المواقف المتعاقبة منذ اللحظات الاولى. وفيما التزم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالصّمت المطبق، ظهر موقفاً مجاملاً للنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، اللذين صرّحا بأنهما على استعداد للحضور أمام القاضي حتى قبل صدور الإذن "لإجراء اللازم للمساعدة للوصول للحقيقة وتحديد المسؤوليات في الجريمة". أما موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري فكان غامضاً، يخفي بين طياته الكثير، إذ ردّاً على سؤال لصحيفة "الجمهورية" حول الموضوع قال: "نحن مع تطبيق القانون مئة في المئة". دون أن يفسّر المقصود بمقولة "القانون" وخطوات تطبيقه. ولكن سرعان ما وجد لجوابه تفسيراً جاء على ألسنة نواب المجلس بعد اجتماع الهيئة المشتركة في مجلس النواب في العاشر من تموز حيث خلص المجتمعون إلى أن "ما تقدّم به القاضي طارِق بيطار مِن حيثيات، ليس كافياً لاستجابة مجلس النواب إلى طلبه رفع الحصانة"، وأن "الأوراق الموجودة في عهدة المجلس لا يُمكن الاستناد إليها لبناء موقف قانوني". وقد أبلغ المحقق العدلي بتاريخ 12/7/2021، مجلس النواب أنّه لن يوافق على هذا الطلب لأنّه يتعارض مع مبدأ سريّة التحقيق.

أما وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي فبعد أن صرّح بأنّه سيقوم بالموافقة على طلب القاضي بيطار باستجواب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، عاد في اليوم نفسه (9/7/2021) ليتراجع عن قراره، ولم يشفع تظاهر أهالي الضحايا بتوابيت حملت صورَ أبنائهم، أمام منزله في دفعه إلى التراجع عن قراره، بل تعامل معهم كما لو أنهم مجموعة إرهابيين يحاولون الإعتداء عليه، وسخّر عناصره للتصدّي لهم وإيساعهم ضرباً.

أما اللواء عباس ابراهيم، فبعد أن صرّح أنه "تحت سقف القانون"، جنح إلى خطوات استعراضية بعض الشيء تمثّلت بانتشار عشرات الصور له على الطرقات والتي أظهرته بمظهر القائد التاريخي للأمة. ولم ينتظر كثيراً قبل أن يأتي الجواب على لسان "خلية الدفاع عنه" والتي لم تتوانَ عن تمجيد هذا الأخير وتصوير الاشتباه به على أنه استهداف لرجلٍ استثنائي قدّم الكثير لهذا البلد.

 وردّاً على جواب الوزير فهمي سارع القاضي بيطار إلى إرسال كتاب إلى مدّعي عام التمييز بالوكالة غسان خوري (مدّعي عام التمييز بالأصالة القاضي غسان عويدات تنحّى عن الملف لوجود صلة قرابة بينه وبين أحد النواب المتهمين غازي زعيتر).

أما وزير الداخلية والبلديات السابق نهاد المشنوق فعقد مؤتمراً صحافياً له بتاريخ 23/7/2021، اعتبر خلاله أنه بما أن المحقق العدلي يحتكم إلى الرأي العام فمن حقه هو أيضاً أن يفعل ذلك. وقال إن “المستند الوحيد الذي تلقاه في هذه القضية، يتحدّث عن عبور باخرة ترانزيت تحمل عدّة أطنان من نيترات الأمونيوم متجهة من جورجيا إلى موزامبيق وعن أحوال البحّارة الأوكرانيين والبحار الرّوسي ولم يتحدّث عن تفريغ حمولتها في المرفأ إطلاقاً، وأن "لا علم له بأنها نزلت على الأراضي اللبنانية". وأردف أنه كان "واحداً من الضحايا ومن أهالي الضحايا وقد سقط زجاج مكتبي على ظهري لحظة الانفجار، وكان يمكن أن أكون واحداً من الشهداء، وقد أصيب بعض أفراد مكتبي". وأكد أنه على استعداد للإدلاء بإفادته ولكن في الوقت نفسه قال:" لا قانون فوق الدستور الذي يقول إنّه تُرفع الحصانة ويحاكم الوزراء في المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، لأنّ الادّعاء تمّ بسبب مهامهم الوزارية وليس بصفتهم نوّاباً"، الأمر الذي يشير بشكل أو بآخر، أنه يأمل ضمنياً أن تأخذ القضية هذا المنحى.

 نواب الأمة زوّروا القانون للتنصل من المسؤولية ..!!

في حديث مع المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية حول مجمل التحرّكات والمواقف في قضية تفجير مرفأ بيروت اعتبر أن: " قرار القاضي بيطار شجاع جداً لأنه لم يكتفِ بأسماء ادّعى عليها سلفه بل أضاف أسماء رؤساء وقادة أجهزة أمنية أكبر. وبالتالي فإنه أظهر أنه لا يوجد خطوط حمراء أمام الحقيقة والعدالة التي ائتُمن عليها. وقد استفاد من تجربة سلفه لتغطية بعض الثغرات التي لام البعض القاضي فادي صوان عليها، دون التراجع عن الأمور الأساسية التي سجلها سلفه. فالقاضي صوان اعتبر انه لا يوجد خطوطاً حمراء، وأنه فوق الحصانات على قاعدة one man show، فإما أن ينفّذ القرار أو لا، فكان الجواب: لا. ثم قاموا بتنحيته ويومها لم يعترض أهالي الضحايا على هذا الأمر. أما القاضي بيطار فقد وضعنا جميعنا أمام مسؤولياتنا واليوم نشهد حراكاً جميلاً جداً في القضاء".

ورأى صاغية أنه "لا يجوز الامتناع عن رفع حصانة النواب المعنيين بالقضية فهي مرتبطة بالدورة النيابية وعندما تنتهي الدورة لا يعود هناك أي حصانة" مضيفاً أن السبب الوحيد الذي يحول دون هذا الأمر هو أن يكون "هناك عمل تشريعي مهم يريدون القيام به خلال هذه الدورة والادّعاء سيعيقهم عن ذلك"، (المادة 40 من الدستور).

أما عن اعتبار الهيئة المشتركة في مجلس النواب أن المستندات التي قدّمها القاضي بيطار من أجل التقدّم بطلب رفع الحصانات غير كافية، قال صاغية: " الهيئة تذرّعت بأن المادة 91 من النظام الداخلي لمجلس النواب توجب على القاضي تزويدها بـ “جميع الأوراق والمستندات التي من شأنها إثبات الشبهات المتعلّقة بكلٍّ منهم للتأكّد من حيثيات الملاحقة"، في حين أن هذه المادة فرضت على القاضي أن يضمّن طلبه برفع الحصانة عن النائب "خلاصة عن الأدلة" التي تبرّر ملاحقته وهذا ما فعله بيطار.

 ومن ناحية أخرى، فإنّ أعضاء هذه الهيئة قاموا بتزوير النظام الداخلي، وتحديداً المادة 92 منه، وذلك من أجل تأخير سريان المهلة التي يتعيّن على الهيئة أن تُقدّم خلالها تقريرها بشأن طلب رفع الحصانة إلى الهيئة العامة لمجلس النواب. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تصريح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بعد تلاوة محضر الهيئة بأن "مهلة الخمسة عشر يوماً تبدأ من لحظة توفّر كامل الملف". وبموجَب هذا التصريح، تكون الهيئة المُشتركة قد حرّرت نفسها من المهلة المنصوص عليها في النظام الداخلي بعدما ادّعت زوراً، ليس فقط أن الطلب الذي استلمتْه ليس وافياً، بل أيضاً أن المهلة لا تسري إلّا بعد استلام طلب تراه وافياً وفق معاييرها".

 كما لفت المحامي صاغية إلى أن المطالبة بكامل "الأوراق والمستندات"، يُعد خرقاً لسرية التحقيق المنصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية (المادة 53). وأن "حديث النائب الفرزلي عن عزم الهيئة بالتوغل في صلاحية المحقق العدلي من خلال الغوص في الملف بحذافيره، يشكل انتهاكاً صريحاً لمبدأ الفصل بين السلطات المكرّس في الفقرة "ه" من مقدمة الدستور أيضاً لاستقلالية القضاء المكرّسة في المادة 20 منه". واعتبر صاغية أن" كلّ هذه السلوكيات تندرج في سياق الإحراج الذي يشعر به هؤلاء، وأنهم لا يريدون القول صراحةً أنهم ضدّ إسقاط الحصانات".

 

صاغية: "الكيدية السياسية".. هي الوصفة الجاهزة دائماً

منذ انتشار أسماء لائحة الاستدعاءات، بدأت نغمة "الاستهداف السياسي"، والتشكيك بمآرب القاضي بيطار وغايته من استدعاء أسماء دون أخرى، مع العلم أنّ المحقق العدلي أشار في معرض طلباته إلى وجود أدلة ومستندات تفيد بمعرفة من تمّ استدعاؤهم عن وجود النيترات في المرفأ. ولعلّ من أبرز الأسئلة المطروحة كانت: لماذا لم يتم استدعاء رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ووزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي؟ لماذا استبُعدت القيادات الحالية للجيش من المسؤولية؟ كما أن البعض جنح إلى أن ارتكاز القاضي بيطار على وجود مراسلات في تبرير أسباب استدعاءاتهم، غير كافٍ في بلد من السهل فيه أن تقوم الأجهزة المعنية بإتلاف المستندات والأدلة التي تثبت تورطها. كما بلغ التعاطف أشدّه مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم انطلاقاً من أنه عندما أرسل المحقق العدلي استنابات للأجهزة الأمنية ليحصل على كلّ المستندات لبّ الأمن العام للأمن العام طلبه وأرسل كلّ ما لديه.

 وبسؤال المحامي صاغية عن هذه النقاط أجاب: "متى رأينا في تاريخ لبنان كله، أنه تمّت ملاحقة رجل نافذ في الدولة، دون أن يجري السعي إلى إظهاره بمظهر الضحية، ويطل ليخبرنا أن هناك حملة ضده واستهداف له وخطه السياسي؟ ولا مرة. إن الاستهداف السياسي هو الوصفة الجاهزة والتي لطالما ما استعملت. ودائماً يتم استجرار هذه العصبية ولعب هذا الدور، ودائماً لديهم حصانات دستورية يتلطون خلفها ويدعون ضرورة التمسك بها لحماية البلد. إن الادعاءات الآن، لا تعني بالضرورة أنه لن تبرز أسماء أخرى جديدة في وقت لاحق. استدعى المحقق العدلي القائد السابق للجيش لأنه وجد مستندات تدينه ونفس الأمر بالنسبة للمدير العام للأمن العام، فيما وزارة الأشغال العامة والنقل أدخلت النترات في عهد الوزير زعيتر فكيف يقال إنه اتهام سياسي؟".

 حيل قانونية

واعتبر صاغية أن " رفع الحصانات في قضية تفجير مرفأ بيروت، لا يعني حصراً أنه تم رفعها في هذه القضية وإنما في مجمل قضايا الفساد، وبالتالي نحن كشعب يجب أن نعرف أن المعركة التي فتحت مع صوان، واليوم مع بيطار معركة الحصانات، هي معركة مركزية للشعب اللبناني حتى يستطيع أن يحاسب المسؤولين الذين انتهكوا المجتمع". وعن محاولة النواب سحب الملف من يد المحقق العدلي عن طريق تحويل المتهمين إلى "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، اعتبر أن هذه المسألة تندرج ضمن الحيل القانونية التي تستخدمها السلطة من أجل تهريب المتهمين من قبضة قاضي أزعجهم تمهيداً لإفلاتهم من العقاب". ورأى أن "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" أشبه بمجلس "وهمي"، إذ لم ينعقد ولا مرة منذ تأسيسه، وذلك على الرغم من وجود العديد من القضايا التي استدعت انعقاده منها مسألة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتهريب الأموال، قضايا الاحتكار وتهريب المساعدات وصولاً إلى الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان اليوم".

الخيارات المتاحة في حال رفض إسقاط الحصانات 

طبعاً لم يكن أحدٌ يتوقع، أن تقابل تحركات القاضي طارق بيطار بالتصفيق من قبل أقطاب السلطة، بل من شبه المؤكّد أنه سيتم رفض إسقاط الحصانات، وبالتالي يبقى السؤال كيف سيتمكّن المحقق العدلي من متابعة سير العمل في ملفّ القضية وعن ذلك أجاب صاغية: "يمكن للقاضي انتظار سقوط الحصانات عن النواب المعنيين من تلقاء نفسها، وهذا الأمر يتم فور تشكيلة الحكومة لأن حصانة النواب تكون في خلال دورات انعقاد المجلس النيابي وحسب"، وفيما يخص الموظفين الإداريين يمكن اللجوء إلى النيابة العامة التمييزية في القضايا التي تعني الموظفين (المادة 61 من قانون الموظفين)، في حال رفض وزير الداخلية بعد 15 يوم تنتقل إلى النائب العام التمييزي للبتّ فيه".

 ولفت إلى نقطة هامّة جداً هي أن "النائب العام التمييزي وعلى الرغم من تصريحه بأنه تنحّى عن هذا الملف، لكن لا يمكنه التنحّي عن هذه الصلاحية، ذلك أن إعطاء الإذن صلاحية شخصية للقاضي عويدات، وهي صلاحية إدارية لا يمكنه التنازل عنها لأي شخص آخر لعدم وجود أي تفويض قانوني. وفي حال انقضاء المهلة من دون أن يتخذ عويدات أي قرار، فإن صمته يعدّ في هذه الحالة بمثابة موافقة على إعطاء الإذن. ويمكن لنقابة المحامين أن تطعن أمام محكمة الاستئناف". أضاف: "وعلى اعتبار أن القرارات الصادرة برفض الإذن هي قرارات إدارية فبالتالي هي قابلة للطعن أمام مجلس شورى الدولة".

نواب النيترات

لعلّ أبرز ما يحققه التسارع في وتيرة الأحداث المتعلّقة بقضية تفجير المرفأ، هو الإفراج عن المواقف المتناقضة للنواب، وفضح مساعيهم لطمس الحقيقة وعدم محاسبة المعنيين عن قصد أو غير قصد فيها. ففي حين اعتبروا أن خطوات القاضي فادي صوان السابقة استهدافاً سياسياً واضحاً تمت تنحيته على أساسها، ووجدوا في خطوات القاضي طارق بيطار المحبوكة قانونياً أنها تفتقر للأدلة، سارعوا إلى تشكيل عريضة تطالب بتوجيه الإتهام إلى كلٍّ من رئيس الحكومة حسان دياب، والوزراء السابقين: يوسف فنيانوس وغازي زعيتر ونهاد المشنوق وعلي حسن خليل بغية محاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وقد نجح هؤلاء في تأمين التواقيع المطلوبة للسير بالعريضة التي من المقرّر رفعها إلى النواب الثلاثة المطلوبين في القضية للردّ عليها في مهلة عشرة أيام.  ومن المقرّر رفع العريضة إلى النواب الثلاثة المطلوبين في القضية، للردّ عليها خلال مهلة أقصاها 10 أيام.

 فور انتشار أسماء النواب الموقّعين على هذا العريضة، تحرّك الناشطون عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين بأنها "عريضة العار" وقاموا بنشر صور الموقعين عليها مع خلفية الانفجار وموسومة بـ "هشتاغ "نواب النيترات"، محملّين إيّاهم مسؤولية عرقلة العدالة وطمس الحقيقة وجعل المتهمين يفلتون من العقاب وكأنهم بفعلتهم هذه يقتلون الضحايا مرتين.  وأمام الضغط الذي شكلته هذه الحملة، صرّح عدد من النواب عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي عن سحبهم لهذا التوقيع وفي مقدّمتهم النائب عن كتلة الحزب القومي السوري الاجتماعي سليم سعادة والنائب عن "جمعية المشاريع" عدنان طرابلسي. ولكن هذه الخطوة لم تسلم من تصريحات نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي أكّد في حديث تلفزيوني حيث صرّح "أن التراجع الكلامي عن التوقيع على العريضة لا يلغيها"، وأن العدد المطلوب لتسلك مسارها القانوني سيبقى مؤمّناً"، مشيراً إلى اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة إلى جلسة في الأسبوع الأخير من تموز من أجل البتّ في هذا الملف.

خاتمة

اليوم، في خضمّ الازمات التي يمرّ به لبنان من انقطاع مادة المازوت والكهرباء والدواء إلى الغلاء الفاحش، تأتي قضية تفجير مرفأ بيروت لتؤكّد أن هذه السلطة السياسية بكلِّ أقطابها لن تتوانى يوماً عن سحقنا كرمى لمصالحها. والجميع يدرك أن الطريق إلى معرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة في هذا الملف ليست معبّدة بالورود، بل هي كما السير في حقل ألغام، يخطوها المحقق طارق بيطار وحيداً، ولكن يحتاج بيطار إلى كلّ الدّعم المجتمعي اللازم والذي من شأنه أن يحفّزه على المضي قُدماً في هذا الملف دون ما خوفٍ أو وجل. انّ انجلاء الحقيقة في جريمة الرابع من آب التي لا تزال ذكراها تقضّ مضاجعنا لا يعني فقط تحقيق العدالة في هذا الملف وإنما في مجمل القضايا الأخرى العالقة، وتعني المضيّ في أولى خطواتنا نحو بناء المؤسسات الوطنية التي نريد، فهل يستفيق الشعب ويتحمّل مسؤوليته في هذا المجال؟ لنرَ ونتابع ...!!

 

  تنصّ المادة 53 حرفياً على التالي: " يقدّم طلب الاذن وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة."