الطب التقليدي الصيني: علاج عالمي مرتقب


ما إن انحسر فيروس كورونا الجديد في الصين، حتى وضع الوباء دول العالم في خطر ولا تزال أعداد المصابين تتزايد في إيطاليا وإيران وإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول.
قبل يومين، قرأت خبرًا بأن 107 مصاباً كانوا في حالات حرجة وتوفوا في إحدى المستشفيات في إيطاليا. شعرت بحزن شديد عند معرفة هذا الخبر. فكم يعاني الأطباء في المستشفى وأقرباء وأصدقاء المصابين من يأس وحزن!


أصدرت مجلة ذا لانسيت (The Lancet)، مجلة طبية عامة مراجعة، تقريراً في 2018 بأن المستوى الطبي الإيطالي يحتل المرتبة التاسعة في العالم. ولكن بلغ معدل الوفيات من فيروس كورونا 8.3 بالمائة، وهو ضعفاً المعدل في الصين. فليس لدى إيطاليا علاج فعال أو دواء خاص مع النظر أنها تتمتع بالطب الحديث والمتقدم في العالم، بينما أتاحت الصين لدول العالم فترة إعداد ما يقارب الشهرين.
يذكرني هذا المشهد بالإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت عام 1918 في الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، حيث أصاب الفيروس مليار شخص وسُجّل 40-50 مليون من وفيات في جميع أنحاء العالم، وهو ما يتجاوز عدد الوفيات خلال الحرب العالمية الأولى، فأصبح الوباء الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية. لم تنجح الصين في تجنب هذا الوباء العالمي أيضاً. ومع ذلك، كان تفشي وباء الإنفلونزا في الصين أقل خطورة مقارنة مع الدول الأخرى، حيث كان معدل المصابين والوفيات منخفضاً. وذلك لأن الطب الصيني التقليدي كان من طرق العلاج الأساسية في الصين للسيطرة على الأنفلونزا حينذاك.
ويجدر بالذكر أيضاً إنفلونزا الخنازير (إنفلونزا H1N1) التي بدأت في أمريكا عام 2009. ووفقا للتقديرات النهائية أنها أصابت ما يقدر بـ 60.8 مليون شخص بين 12 أبريل 2009 و10 أبريل 2010، و274 ألف حالة دخول للمستشفيات، و12469 حالة وفاة في الولايات المتحدة. أما في الصين، فتم تأكيد أكثر من 127 ألف حالة وعلاج 122 ألف حالة، وتوفي 800 حالة حتى 31 مارس 2010.
إن عدد الإصابات وعدد الوفيات في الصين أقل بكثير من الدول الأخرى سواء في الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 أم في أنفلونزا H1N1 عام 2009. ومما ساهم في مكافحة الوباء هو الطب الصيني التقليدي. في الواقع، على الرغم من أن الطب الصيني التقليدي لعب دوراً فعالاً في التخلص من العديد من الأوبئة على مر التاريخ، ولكن تأثيراته الإيجابية لم تجذب انتباه الجمهور في مكافحة الأمراض، إلا عند تفشي فيروس كورونا الجديد عام 2020. ويرجع السبب إلى تطور وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة.
في بداية تفشي الوباء في مدينة ووهان في مقاطعة هوبي وسط الصين، لم يُستخدم الطب الصيني التقليدي إلى عملية العلاج حتى 15 فبراير تقريباً. هو شياو يوي، طبيب في المستشفى التابع لجامعة الطب الصيني التقليدي في مدينة تشنغ دو، وأحد عناصر الفريق الطبي الصيني الذي وصل إلى مقاطعة هوبي، ذكر أن قبل فترة، وصفت وسائل الإعلام مدينة ووهان أنها في "اللحظة المظلمة"، حيث كانت موارد الطب الصيني قليلة، فلم يدخل عملية العلاج على نحو شامل. بينما الطب الغربي ليس له وسيلة فعالة إلّا تطبيق العلاج النفسي الداعم في علاج مصابين الذين عانوا من حالات حرجة، حيث تتفاقم أعراضهم يوما بعد يوم. فهذا ما يسمى بـ "اللحظة المظلمة".
وأثبت الجمع بين الطب الصيني التقليدي والطب الغربي في علاج فيروس كورونا الجديد فعاليته من خلال العدد الكبير من المرضى المتعافين حيث تلقت الغالبية العظمى منهم علاجات من الطب الصيني التقليدي قبل مغادرتهم المستشفيات ما ساهم في علاج 74603 حالات مؤكدة على مستوى الصين وهو ما يمثل 92.5 بالمائة من الإجمالي، وفقاً للبيانات الرسمية.
ويركز علاج الطب الصيني التقليدي على تحسين دفاعات الجسم الطبيعية ضد الوباء وقدرته على إصلاح نفسه مع الحفاظ على التوازن العام.
وبالمقارنة مع أولئك الذين عولجوا فقط بالطب الصيني التقليدي أو الطب الغربي، أكد فريق من الخبراء أن العلاج المتكامل للطب الصيني التقليدي والطب الغربي يمكن أن يعالج أعراض الحمى والسعال والتعب بسرعة أكبر، ويقلل كذلك بشكل فعال من تطور أعراض خفيفة ودورية إلى أعراض شديدة أو حرجة، وذلك لتحسين معدل الشفاء وتقليل معدل الوفيات.
إن الحساء البني عبارة عن مزيج يحتوي على أكثر من 20 عشبة طبيعية مختلفة، منها أعواد القرفة وجذور العرقسوس والإفيدرا، وهو يعزز القدرة على مقاومة الأمراض، ويتناوله المرضى في المستشفيات الصينية مرة صباحاً وأخرى مساءً.
الوصفة الطبية روجت لها الإدارة الوطنية للطب الصيني التقليدي ولجنة الصحة الوطنية كعلاج مناسب للمرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة إلى خطيرة، ومنذ ذلك الحين تستخدم على نطاق واسع في ووهان والمقاطعات الأخرى.

عندما أرى دول أوروبا الغربية التي تتمتع بالطب العالي المستوى تعجز عن علاج المصابين الذين يعانون من أعراض حرجة، أشعر بحزن عميق وتعاطف شديد، في حين أعتقد أن الصين محظوظة للغاية حيث لديها الطب الصيني التقليدي، فأنا سعيد أن هذا العلاج التقليدي فعال وقوي على الرغم من التحيزات، ويجب أن يحصل على فرصة التنمية بعد انتهاء الوباء، كما أتمنى أن يصبح الطب الصيني التقليدي طباً معتمداً عالمياً.
وأخيراً، أنا فخور بأنني صيني، وأيضاً فخور بطبنا الصيني التقليدي. فلنشارك تجربتنا المتعلقة باستخدامه في العلاج مع الخبراء الأجانب ونأمل في أن يحترم العالم الأطباء والممرضين والتجربة الصينية التي حققت انتصاراً حاسماً. وأتمنى أن يحقق العالم انتصاراً في مكافحة فيروس كورونا الجديد ويستقبل الفجر في أقرب وقت ممكن!
• طيّار – طالب صيني يتابع دراسته في لبنان.
بيروت 27 آذار 2020

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 375
`


جين تشانبنغ