مقاومة الاستعمار في عصرنا وكرة القدم الشعبية

 كرة القدم هي جبهة من الجبهات التي يكافح عليها، بقوة وعزم، الشعب الفلسطيني ضد المستعمرين الصهاينة الذين سلبوا منه أرضه قبل 70 سنة، بدعم ومباركة الامبريالية البريطانية. ولا يزال الصهاينة يواصلون اليوم حملة تطهيرهم العرقية ومصادرة أراضيهم ضد الفلسطينيين لإقامة مستوطنات. واليوم تدعم الامبريالية الأميركية السياسة الإرهابية للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. 

إن لاعبي الفريق الوطني الفلسطيني يلعبون لكي يقولوا للعالم بأسره إنّ فلسطين موجودة وإن الشعب الفلسطيني يواصل مقاومته وجهاده من أجل التحرر الوطني، ذلك أن الإسرائيليين يسعون إلى محو فلسطين من الخارطة وينكرون حتى وجود أمة فلسطينية. وهذا يذكرنا، عندما نرجع إلى التاريخ، بسياسات الاستعمار الإسباني في أميركا الجنوبية، والإستعمار البريطاني في كينيا وإفريقيا الجنوبية وفي أميركا الشمالية، والإستعمار الفرنسي في الجزائر. وعندما يقوم جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل، بحبس أو ببتر لاعبي كرة قدم فلسطينيين وبقصف ملاعب كرة القدم التي يلعب فيها الفلسطينيون، فإن أعمال الجنود المجرمين تندرج في إطار مساعي الصهاينة الاستعماريين لمحو وجود الشعب الفلسطيني وهويته. فلنذكّر أن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف ودمّر نسبياُ ملعب فلسطين الدولي في غزة، سنة 2012، وهو الملعب الذي يحتضن مباريات الناديين الفلسطينيين الأهلي والهلال. وتحجج الإسرائيليون لتبرير قصفهم أن الملعب "كان مستعملا لإطلاق صواريخ على القدس وتل أبيب"، حسب كلام الناطق باسم الجيش الصهيوني الإرهابي. ولم يقف الإسرائيليون عند هذا الحد، ففي أبريل 2018، كُسرت ركبة محمّد خليل، لاعب فلسطيني في نادي الصلاح، إثر إصابته برصاصة أطلقها عليه قناص إسرائيلي، خلال مشاركة اللاعب في إحدى مسيرات العودة التي أطلقها الشعب الفلسطيني في 2018 لاستعادة ذكرى نكبة 1948 وكتعبير عن انتفاضته المستمرة. واعتُبر كسر الركبة نهاية عنيفة بالنسبة لمحمد في مشواره الكروي.

من طبيعة سياسة إسرائيل أن تلجأ إلى التقتيل والإرهاب والإغتيال والتدمير، كونها كيانا أنشأته الصهيونية وعميل محلي في الشرق الأوسط للإمبريالية الأميركية والغربية بصفة عامة). إنّ جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤولون مباشرة عن مقتل أكثر من مائة مدني فلسطيني خلال تلك المظاهرات، في محاولة صهيونية يائسة لوضع حد لمقاومة الشعب الفلسطيني.

يمثّل عطاالله فيومي - لاعبٌ فلسطيني يبلغ من العمر 17 سنة، نموذجاً آخر عن الهمجية الصهيونية، إذ بُتر من رجله بعدما استهدفه قناص إسرائيلي خلال مظاهرة فلسطينية ضد الاحتلال، في غزة.

إن كرة القدم هي رافد من الروافد القوية للشخصية الوطنية الفلسطينية وهو رباط يجمع الفلسطينيين، أينما كانوا، في نضالهم من أجل الاستقلال وتحرير كل بلدهم من الإستعمار الصهيوني. وكانت كرة القدم، في القرن الماضي، أحد العناصر الفعالة في استراتيجية الكفاح التي انتهجتها حركات التحرر الوطنية ضد الاستعمارية والإمبريالية في إفريقيا وفي جنوب أوروبا. لنتذكر فقط، على سبيل المثال، ملحمة فريق كرة القدم لجبهة التحرير الوطني الجزائري، الذي مثل قضية الجزائر المجاهدة على الجبهة الرياضية. وعليه، يمكننا القول إنّ لاعبي المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم يحملون مشعل المقاومة الفلسطينية كلما لعبوا مباراة دولية. وأندية كرة القدم الفلسطينية تشارك، هي أيضا، في حركة الجهاد والمقاومة، حتى يقولوا للمستعمرين الإسرائيليين، إنّ فلسطين موجودة وحيّة وإن الشعب الفلسطيني لن يركع، فالنضال قائم ومستمر!

 

*قاص جزائري وأستاذ في الترجمة بجامعة الجزائر

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 375
`


محمّد وليد قرين