تكتل طلاب الجامعة اللبنانية: بكرا إلنا!

لم تكن الحركة الطلابيّة يوماً بمعزلٍ عن الأحداث المهمّة التي تحدث في لبنان، فتأثّرت بها وأثّرت فيها. فكانت نموذجاً حيّاً للحراك المجتمعي والسياسي الذي يشمل كل فئات المجتمع. وذلك بسبب الموقع الفريد الذي يحتلّه الطلاب في المجتمع فهم غالباً ما يكونون في طليعة الجيل الذي غالباً ما يختلف اختلافاً كبيراً عن أسلافهم، وهم أيضاً الخط الأمامي الذي تتنافس فيه الأيديولوجيات وتتصادم فيه الهويات الثقافية بشكلٍ مباشر ودون مواربة. فالطلاب منخرطون في الجدالات الفكريّة، وهم كثيراً ما يحفّزون قطاعاتٍ أخرى من المجتمع المدني ويجرّونها لمربّع التغيير.

وفي السنوات الماضية كانت الجامعة اللبنانية تشهد صراعاً بين الأساتذة والسلطة الحاكمة بقراراتها المُجحفة بحقّ الجامعة والأساتذة والطلاّب. لكن ما كان ملفتاً هذه المرّة هو تحرّك الطلاب إلى جانب أساتذتهم مطالبين بحقوقهم على حدٍّ سواء ومدافعين عن جامعتهم أوّلاً، وجاء هذا التحرّك بعد غياب طويل للحركة الطلّابية في لبنان. بدؤوا مجموعة مؤلفّة من تسعة طلاب. اجتمعوا وحدّدوا أهدافهم، وها هم يزدادون يوماً بعد يوم. يجتمعون جميعاً للتشاور والتخطيط للتحركات.
وقد أطلقوا على أنفسهم اسم " تكتل طلاب الجامعة اللبنانية". وفي حديث معهم، قالوا "نحن هنا لندافع عن وجود جامعتنا واستقلاليّتها وميزانيّتها " التي يجب أن تزداد، لا أن يُسدّ عجز الدولة منها، فهو من المُفترض أن يُسدّ من جيوب السياسيّين، من كلفة مواكبهم الشخصية التي تفوق الستّين مليون دولاراً سنويّاً على سبيل المثال".
وفي حديثٍ آخر، قالوا أن غايتهم هي الدفاع عن حقوقهم كطلّاب وأبسطها الحق في إجراء الانتخابات الطلابيّة ليتم اختيار ممثليهم من الطلاب بحريّة. وعبّروا بالقول "نحن هنا أيضاً لندافع عن حقّنا في وجود مطعم وسكن جامعي... ونحن هنا أيضاً إلى جانب أساتذتنا في مطالبهم المُحقّة التي يحارِبون ويحارَبون من أجلها منذ سنوات". وعبّروا عن احترامهم لجزء كبير من الأساتذة الذين وصفوهم بالأحرار لصبرهم وإصرارهم "رغم كل المحاولات لإسكاتهم. والأهم أنهم يقولون إن "حركة هذا التكتّل لن تتوقف ولن تنتهي هنا، حتى لو انتهى الإضراب، بل ستستمر وتكبر مع السنوات القادمة".
نعم ليس كل الطلاب حراكيين وواعين لمصائر جامعتهم وبلدهم، وليس بالضرورة أن تجد الجميع يرفع شعار الوعي والنضال من أجل قضايا الطلبة أو المجتمع الذي أتوا منه، ولكن من كان يتوقّع أن يقود هؤلاء الشباب هكذا تحرّكات، في وقت يشلّ الإحباط حركة العقول؟! هذه الشريحة التي يزداد عددها يوماً بعد يوم يتّفق الجميع على تسميتها "الشريحة الذهبيّة" في المجتمعات، فكيف لا يكون ذلك والطلاب كانوا أوّل من يرفع شعار "لا"، والمجد لمن قال لا!
من المهم جدّاً أن تلتقط الحركات الطلابية الحس الجماهيري والهمّ العام وتتبنّاه، فالحراك الطلابي يميل إلى أن يكون جزءاً من التغيير الاجتماعي والثقافي والسياسي على المدى الطويل. أما اليوم فنقول: نحن مستمرّون جنباً إلى جنب مع أساتذتنا ولن نعود إلى مقاعد الدراسة حتى تحقيق آخر مطلب، ولدينا كل العزيمة. ولا، لن يستطيع بعض الأساتذة المكرّسين لأحزاب السلطة، الذين لم نعد نحترم كفاءتهم ومهنيّتهم، أن يضغطوا علينا، بل نحن القوّة الضاغطة اليوم.
بعد سماع هذه الكلمات لا نستطيع أن نقول غير "إيه في أمل".
*كلية الفنون الفرع الثاني

  • العدد رقم: 360
`


ريم مغنية