الأساتذة "المستعان بهم" في الدوام المسائي: لا عودة للمدارس إلّا عند احتساب الأجر على سعر صرف السوق...

 

ككلّ عام، ما زال الغموض والمماطلة يطال مصير مستحقات الأساتذة "المستعان بهم" في دوام ما بعد الظهر في التعليم الرسمي وصناديق المدارس أيضاً، وبالرغم من التعهدات المفروضة بعد ضغوط تحرّكات السنة الماضية التي توجّت بإعلان بدء الإضراب المفتوح آنذاك في الثامن من شهر تشرين الأول الماضي تحت شعارات «لا تعليم من دون قبض»، و«عقد العمل حق مشروع لنا» و«لا للتهميش».
فمنذ عام، نظّم الأساتذة صفوفهم، عبر لجنة الأساتذة المستعان بهم لتعليم النازحين السوريين في لبنان في الدوام المسائي، تابعت قضية تأخر مستحقات الفصل الأول وبعده الثاني على كافة الجهات، ولا سيما بعد تقاذف المعنيين المسؤوليات كلّ طرف منهم على الآخر خاصة في قضية فجوة ملايين الدولارات الضائعة التي أثرناها عبر جريدة الأخبار ومجلة النداء؛

ليتخبّط الأساتذة بين دهاليز المعنيين في وزارة التربية والتعليم من جهة (وزير التربية ومستشاريه، ومسؤولة ملف وحدة التعليم الشامل صونيا خوري)، ومن جهة أخرى في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان المعنية بملف تعليم النازحين السوريين في لبنان.


وكذلك صعّدوا تحركاتهم ومطالبهم في بداية العام الدراسي الحالي (2019- 2020)، الذي اضطر الوزير السابق أكرم شهيب تأجيل انطلاقته على إثر الاضراب الذي أصرّ عدد من المدارس على الإلتزام بتنفيذه خاصة في البقاع، لمعرفة مصير تمويل الأجور في السنة الدراسيّة الحالية وضرورة التعهد بسدادها منذ بداية العام الدراسي، مشدّدين على ضرورة "رفع أجر الحصة الذي لا يتعدّى 12 دولاراً "حينها، والذي بات اليوم يقدر بنحو 4 دولارات، خصوصاً بعدما علموا أن الأجر يتعرّض للاقتطاع ويتجاوز هذا المبلغ.
وبعد قبض مستحقات العام الماضي، بادر "المستعان بهم" للعودة عن قرار الإضراب الذي لم يلتزم به عدد كبير من المدارس، جرّاء أسباب عدة مثل التفاف رابطة التعليم الأساسي على القضية وتدخلها لصالح الوزارة على حساب الأساتذة، وممارسة المناطق التربوية لأسلوب الضغط والترهيب عبر إعلام مدراء المدارس بضرورة التزام كافة أفراد الهيئة التعليمية ببدء العام الدراسي، مع التحذير للملتزمين بالإضراب باضطرار المدرسة إلى إستبدالهم بزميل آخر بديل عنهم بحال لم يلتحقوا بالتعليم خلال مهلة 48 ساعة كحدٍّ أقصى. هكذا أعيدت الكرة ولم ينل "المستعان بهم" ما طلبوا به؛ سواء من إعادة الراتب الشهريّ كما كان في السنة الأولى من تعليم النازحين، أو احتساب الأجر المفترض من الأمم أي 20 دولاراً، وحتى اليوم لم ينالوا مستحقات الفصل الأول التي وعدوا بتقاضيها قبل عيد العمال العالمي في الأول من أيار الماضي وبدء شهر رمضان، ثم تراجع الوعد حالياً إلى نيل المستحقات قبل عيد الفطر، أي من المفترض هذا الأسبوع، مع العلم أن الجداول لم تسلّم كلّها بعد. بالإضافة إلى تضارب المعلومات من قبل بعض المعنيين في الوزارة حول توقيع الجداول التي رفعت إلى معالي الوزير طارق المجذوب.
وفي سياق متصل، تفيد معلومات أن "هناك بعض المدارس لم توقع جداولها بقرار من المدراء". حيث أقدم عدد من مدراء المدارس يوم أمس إلى تشكيل لجنة خاصة بهم تطالب برفع أجر ساعة المدراء والنظار من 12 ألف ل.ل. و15 ألف ل.ل. إلى 18 ألاف ل.ل. كما السعر المحدد للأساتذة، وأيضاً على احتساب المبلغ لكافة أفراد الهيئة التعليمية وفقاً لسعر الصرف الحالي.

 

ما بين "الاستهزاء" و"الاستفتاء"
أطلقت لجنة الأساتذة المستعان بهم لتعليم النازحين السوريين في لبنان في الدوام المسائي في التعليم الرسمي، صرخة عشية عيد العمال عبر رسالة وجهتها على المواقع التواصل الاجتماعي إلى المعنيين ومنهم صونيا خوري في 30 نيسان الماضي، متسائلين عن سبب تأخر المستحقات، ومحذرين باللجوء "إلى الشارع وخطوات تصعيدية"، لتبادر الخوري بالرد على رسالتهم عبر الواتساب بعبارة الاستهزاء التالية "خطوات تصعيدية...!!" ترفقها برسمة وجه ضاحك، مما أثارت سخريتها غضب الأساتذة، والتي ترافقت مع محاولات للاتصال بالوزير ولقائه دون جدوى حتى بالرد على رسائلهم كما كان يفعل سلفه شهيّب.
واستكمالاً للمواجهة، أصدرت اللجنة مساء أمس بياناً استنكرت خلاله مواصلة أسلوب المماطلة المتكرّر من قِبل المعنيين في وزارة التربية من ناحية قبض مستحقاتهم المتأخرة عن الفصل الأول، ناهيك عن اقتطاع أجر الحصة المقرّرة من الأمم بـ 20 دولاراً منذ إطلاق التعليم في الدوام المسائي لتتحوّل إلى السعر المتعارف عليه بـ 14 ألف ل.ل. والذي أصبح بعد عامين 18 ألف ل. ل. أي ما يقارب اليوم نحو 4 دولارات للحصة، لا سيما وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية والنقدية، والارتفاع الجنوني للأسعار.
ومما جاء فيه "ها هي قضيتنا تراوح مكانها عاماً بعد عام، نرفع الصوت عالياً لتحصيل أدنى حقوقنا، ألَا وهي مستحقاتنا عن الفصل الأول.
ومنذ أشهر، طالبنا المعنيين في وزارة التربية والتعليم العالي وأيضاً في هيئة الأمم لشؤون اللاجئين بإنصافنا، وقبض مستحقاتنا كما هي مقرّرة من الأمم 20 دولاراً، وطالبنا بضمانات قبل البدء بالعام الدراسي الحالي، وأخذناً وعوداً وما زلنا ننتظر".
وأضاف البيان "نحن الأساتذة "المستعان بهم" في التعليم لدوام ما بعد الظهر، لحق بنا ظلم كبير بما يخص احتساب أجر الحصة، رغم تحركاتنا ونداءاتنا، وبقيت زهيدة لا تساوي شيئاً، لا سيما في ظلّ الإرتفاع الجنوني للأسعار، في ظلّ الأزمة الاقتصادية والنقدية، والارتفاع المتواصل لسعر الصرف، إذ لامس الدولار الـ 4500 ل.ل. ونحن اليوم سنتقاضى مستحقاتنا وفقاً لسعر الصرف الرسمي المعتمد من المصرف المركزي 1515 ل.ل. مع العلم أن احتساب الحصص وفقاً لما يلي:
1- ساعة الناظر بـ 12000 ل.ل أي ما يوازي 2.50 دولار.
2- ساعة المدير والمرشد 15000 ل. ل. أي 3.3 دولار.
3- ساعة المدرس 18000 ل.ل أي ما يقارب الـ 4 دولارات".

وتساءل البيان "ألا يكفي أن احتساب ساعات "التعليم عن بعد" غير مقرّرة وعلى ما يبدو لن تحتسب؟! من سيذهب أو سيعاود التدريس في الفصل الثاني أو السنة الجديدة ليعلّم بـ ٣ دولارات، لا تكفي أجرة مواصلات. فلنكن صفاً واحداً دفاعاً عن حقوقنا ومصلحتنا المشتركة، فكفى استخفافاً بشهاداتنا وخبراتنا ومهنيتنا وحرصنا أيضاً على طلابنا والمستوى التعليم وتعليمنا الرسمي أيضاً".
واختتم البيان، بإطلاق "لجنة الأساتذة "المستعان بهم" لتعليم بعد الظهر وبالتشاور مع الزملاء الاستفتاء التالي:
-لا عودة للمدارس إلّا عند احتساب الساعة على سعر صرف الدولار في السوق؟
- العودة للتعليم حسب السعر المقرّر 18 ألف ل.ل؟"، وبحسب نتائجه حتى الساعة 99 % رفضوا مواصلة التدريس دون احتساب أجر الحصص على سعر صرف الدولار في السوق.


عمل دون أجر..!
تسعة أشهر مرّت على التزام الأساتذة بمتابعة العام الدراسي، وتقديم واجباتهم على أكمل وجه، وحتى الساعة في ظل جائحة كورونا، شاركوا في "التعليم عن بعد" الذي أثار بلبلة فيما بعد، حيث أن الوزارة لم تصدر أي تعليقٍ أو حتى تعميمٍ بما يتعلق باحتساب أجر ساعات "الأونلاين"، حيث ذكر البعض أن الأمم ترفض حتماً احتسابها وأنها ستفرض إعادتها في الصفوف.
وها هي قضية الأساتذة المتعاقدين لتعليم النازحين السوريين في لبنان، تراوح مكانها عاماً بعد عام، إلى أن وصلت إلى ذروة تفاقمها في العام السابع الحالي، ولا زالت علامات الاستفهام تدور حول هذا الملف، وتجاهل المعنيين لمطالب "المستعان بهم" بإنصافهم، و"قبض مستحقاتهم كما هي مقرّرة من الدول المانحة وبالدولار، ووجود ضمانات قبل البدء بالعام الدراسي الحالي تتعهد بذلك".