فيروس النظام الرأسمالي في نظر القائد والمفكر أحمد سيكو توري

إنّ شكل الاستغلال يتغير في النظام الرأسمالي إذ لم يعد الأمر يتعلق بالاستغلال الذي يمارسه شخص أو تمارسه مجموعة من الأشخاص، بل باستغلال أصحاب وسائل الانتاج للقوى الإنتاجية، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. ويتم الاستغلال بطريقة ملتوية تستخدم القسر بدرجة أقل. سوف يترتب عن هذا النظام توسعا في التجارة وتطورا في التقنية وطفرة علمية لم يسبق أن شهدها التاريخ. ويبرز هذا التطور مرة أخرى كيف يستطيع تغيّر نمط الانتاج قلب نظام الحياة الاجتماعية رأسا على عقب. يستعين النظام الرأسمالي بالقيود الاقتصادية لتعزيز مواقفه الخاصة ولتوسيع قاعدته تاركا أساليب القسر البدني التي كانت سائدة في النظامين الاستعبادي والإقطاعي. ويستولي أصحاب وسائل الانتاج مباشرة، أو عن طريق وسيط، على جهاز الدولة فيستخدمونه من أجل تعزيز سلطتهم. 

إنّ النظام الرأسمالي يقيم الديمقراطية البورجوازية أو على الأرجح الديمقراطية البرلمانية التي تحرم الشعب من وسائل التعبير عن آرائه كما تحرمه من أي تحكم ومن أية وسيلة تأثير على جهاز الدولة. وفي الواقع يحجب هذا الشكل من الديمقراطية الأسس الحقيقية للدولة البورجوازية والمتمثلة في الاستبداد والظلم. 

سرعان ما قاد التطور المذهل للقوى الإنتاجية،  داخل المجتمع الرأسمالي، والطفرة الهائلة في العلم وفي التقنية بالإضافة إلى التناقض القائم بين التملك الخاص لوسائل الانتاج والطابع الجماعي للإنتاج إلى انشقاق الأمم التي تتبنى النظام الرأسمالي إلى طبقات اجتماعية متعادية: الطبقة الرأسمالية أو البورجوازية والطبقة البروليتارية المتكونة من العمال ومن الفلاحين الفقراء. 

إنّ الصراع الطبقي هو المظهر الثابت لانقسام العالم إلى طبقات متعادية. ولن تستطيع البروليتاريا التحرر من استغلال وقمع النظام الرأسمالي التي تريد إلغائهما من دون إلغاء امتدادات الرأسمالية المتمثلة في الامبريالية والاستعمار والاستعمار الجديد.

 على البروليتاريا ألّا تنسى أبدا أن تطور نمط الانتاج الرأسمالي هو من ولّد الإمبريالية

لقد عرفت الامبريالية، التي ظهرت أثناء النصف الثاني من القرن التاسع عشر، طفرة إبّان القرن العشرين الذي شهد توسع الحقبة الاستعمارية في آسيا وفي أفريقيا، كما شهد استغلالا استعماريا جديدا لبلدان أمريكا اللاتينية وإخضاع العالم لنمط الانتاج الرأسمالي.

إنّ أهم المؤشرات الاقتصادية للامبريالية هي:

  1. تمركز الانتاج ورأس المال على أساس الملكية الخاصة لوسائل الانتاج.
  2. اندماج الرأسمال المصرفي والصناعي والتجاري ممّا يؤدي إلى الأوليغارشية المالية؛
  3. تشكّل اتحادات احتكارية دولية (أوليغوبول) مُصمَّمَة من أجل تقاسم العالم والهيمنة عليه.

 

نبذة عن مسار الكاتب (من إعداد محمد وليد قرين): أحمد سيكو توري (1922-1984) مفكر وقائد وطني ثوري غيني (غينيا كوناكري) وأول رئيس لجمهورية غينيا. أمين عام لنقابة عمال البريد والمواصلات بغينيا، في أربعينات القرن العشرين، إبان الاستعمار الفرنسي. شارك في تأسيس اتحادية النقابات العمالية الغينية. تقلد في المنتصف الثاني من خمسينات القرن العشرين منصب أمين عام للاتحاد العام لعمال إفريقيا السوداء. قاد الجماهير الشعبية الغينية نحو الاستقلال من فرنسا سنة 1958. كانت الدولة الغينية بقيادة، أحمد سيكو توري، تدعم الحركات الوطنية التحررية في إفريقيا (دعم حروب التحرير الوطنية في الجزائر، غينيا بيساو، أنغولا والموزمبيق) في 22 نوفمبر 1970 قاد سيكو توري بلده إلى الانتصار على العدوان الامبريالي البرتغالي (بدعم فرنسي) على جمهورية غينيا.    

ترجمه من الفرنسية إلى العربية: محمد وليد قرين، قاص ومترجم جزائري، أستاذ بجامعة الجزائر

عنوان النص في اللغة المصدر: Ahmed Sekou Touré, Le régime capitaliste