الصفحة 6 من 9

مشهدان تصدّرا واجهة الأحداث في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية: الأول، العملية التي نفّذتها المقاومة في مستعمرة "أفيفيم"، والثاني، العقوبات الأميركية على لبنان، وبالتحديد على القطاع المصرفي. قد لا يبدو، أقلّه بالشكل، أنّ ثمة ترابطاً بين الحدثين، لكن، في الجوهر، يكاد يكون الاستهداف واحداً والمعركة واحدة، ومن خلال مخطّط مدروس الخطوات ومعلوم الأهداف؛ هو قرار متخذ من قبل دوائر "البيت الأسود" لمحاصرة لبنان ولضرب بنيته الاقتصادية والاجتماعية، وبالتحديد منها، البنية التي تحمي خيار المقاومة فيه وفي المنطقة والمجاهرة بذلك.

من المضحك أن نتوقّع من اجتماع يحضره أمراء الحرب الأهلية، ورجال الأعمال وورثة كاتبي السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي أوصلتنا إلى حيث نحن، قرارات لمصلحة الطبقة العاملة والمُهمّشة. خرجوا من الاجتماع كما دخلوا، بجيوب مثقلة بثرواتنا وضمائر غير آبهة لما اقترفوا. في صراعنا اليومي في هذه المنطقة، لا يُخفى علينا من هم أعداء الداخل وناهبيه، ولا تُخفى نهاية الطريق التي يسيّروننا عليها، لا يُخفى إلّا سرّ قدرتهم المتجدّدة على تخدير الأغلبية وتغريبها عن مصالحها.

لنضع جانباً المشهد المهين الذي تناقلته وسائل الاعلام الأسبوع الماضي لرجل الأمن الداخلي الذي تعدّى بالضرب على "أخته" كونها حاولت الوقوف مع الأهالي المعترضين على المطمر المستحدث في تربل، بما يحمله هذا المشهد من ذكورية مستشرية على أهميتها وخطورتها. إلّا أنّ الأمر الأبرز تمثّل في عودة مشكلة النفايات إلى الواجهة لتتصدّر المشهد في البلاد وهي مشكلة قديمة جديدة تطفو على السطح بروائح السلطة الحاكمة وفسادها وصفقاتها وحلولها الزائفة التي تحمل، تلطيفاً، عبارةَ "مؤقتة".

التلوث البيئي والتلوث الطائفي مشكلتان أساسيّتان في بلدنا. فمشكلة النفايات وتلوث البيئة ما زالت بين أولويات القضايا التي تحوز على الاهتمام والاستياء الشعبي. ولم يجرِ أي تقدم فعلي في معالجتها.

أنتم تعبثون بموارد لبنان الطبيعية، غير آبهين ببيئة لبنان ولا بصحّة شعبه ولا بحسن إدارة واستخدام ماله العام.
نحن لم نكُن يوماً ضدّ استحداث مطامر صحية لاستقبال متبقيّات النفايات بعد فرزها وتدوير بعض مكوّناتها ومعالجة وتصنيع بعضها الآخر.

-++++++المشهد الأول، هو الاعتراض على بضع كلمات في أغاني فرقة فنية في لبنان، بذريعة مسّها بعض الأديان، وما تلا ذلك من تهديدات بالقتل واجتماعات دينية وسياسية وكلام في الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي... ومن ثم إلغاء الحفل!. المشهد الثاني، طفل فلسطيني-مقدسي، ابن أربع سنوات، يُساق إلى التحقيق بناءً لاستنابة قضائية من شرطة الاحتلال بتهمة قذفه الجنود الصهاينة بالحجارة؛ يسير بكل جدارة حاملاً كيس طعامه، والأساسي فيه هي علبة الحليب!

الصفحة 6 من 9