أفكار بنات Vs. بنات أفكار


المقالة الأولى: وهم الحب...!! جنان خشوف


يطاردني الحبُّ هذه الأيام، مفهوم الحب متشّعب وغير واضح، وربما هذا بالضبط هو سحره...!!
نشأت في أيام الحرب، وكانت تسليتي شبه الوحيدة خارج الملجأ هي شرفة منزلنا. يواجه شرفتنا عجوزان سحرني حبهما، وكنت أسأل نفسي دوما عن أسرار تصرفاتهما الغريبة، ربما بعد أن تذوّقت الحبَّ أصبحت أفهم. كانت العجوز تحب الرسم، وكانت ترسم الزهور على جدران الشرفة، وكلما اكتملت الشرفة، يقوم زوجها العجوز بدهنها باللون الأبيض خلال المساء، لترسم زوجته أفقاً جديداً خلال الأيام المقبلة. كان الزوج العجور يقرأ في الشرفة، صيفاً شتاء، وكانت زوجته تجرجر الأطباق والأغراض وتفعل كلّ شيء بجواره، وكنت أسأل نفسي، أليس من الأسهل أن تطبخ في المطبخ بدلاً من كلّ الرحلات ذهاباً وإياباً. لم أعرف حينها أن الحبَّ في التفاصيل الصغيرة.
أنهيت لتوي قراءة رائعة ميلان كونديرا "الخلود" ، والتي تكرّس مفهوم الحب من أجل الحب بذاته وليس من أجل المحبوب، ربما هذا هو أسمى درجات الحب، أو أغبى درجات الحب، ولكنه حتماً أجمل الحب وأنقاه. ربما علم النفس يشرح ما أقول ففي كتاب د. دانيال امن " الدماغ في الحب..." يشرح أن الحب الرومانسي ليس شعوراً، بل هو محفّزٌ إيجابيٌّ يمثّل جزءاً من منظومة "المكافآت" في الدماغ.
خلال أولى علاقات الحب التي مررت بها، وقبل أن أفهم كنهه، لو افترضنا أني أفهمه الآن، كنت أسأل حبيبي لماذا أنا، لماذا تحبني أنا؟ وعندما يجيب بأنه لا يعرف أحرد كالأطفال. لو كان يعرف أسباب محبته لي، لأصبحت محبتي مشروطة بهذه الأسباب ولانتفت محبتي مع زوال الأسباب، هل هذا هو الحب، هل حبنا جميعاً مشروط إلى حد ما، وهذا الحد هو المتغير؟ هل نحب من أجل الأوكسيتوسين والدوبامين والسيروتونين وغيرها من الهرمونات التي يفرزها جسمنا عند الشعور بالحب لزيادة السعادة والنشاط؟
يخبرني صديقي الخمسيني، عن انتفاء قدرته على الحب، سوى عبر مشروع حياتي مشترك يضمن ارتباطهما المستديم، ويؤكد لي أن قدرته على الحب مرتبطة بقدرته على رؤية تصوّرٍ لمشاريعهما الحياتية سويّاً، ومدى توافقهما في الأحلام والطموحات والتفاصيل اليومية. وهذا ما يشرحه روبرت ستيرنبرغ في نظريته مثلث الحب أن الحب مبني على ثلاثة أقطاب:
1. الألفة : التي تمثل مشاعر القرب والارتباط، ومشاركة الشريكين تفاصيلهما ومخاوفهما مع بعضهما لبناء ذاكرة مشتركة.
2. الشغف : التي تمثل مشاعر الرومانسية والانجذاب الجنسي، وهو أسرع المكوّنات تطوراً وأسرعها انتهاءً، ويحتاج إلى جهد من الطرفين لاستمراره مشتعلاً. بالرغم من ارتباطه بالانجذاب الجنسي، إلّا أن هناك عدة عناصر تتداخل هنا مثل تقدير الذات والحاجة للانتماء.
3. الالتزام : على المدى القصير هو القرار بأن نبقى مع شخص ما، وعلى المدى الطويل يمثل الإنجازات المشتركة التي تحققت مع الشخص الآخر كالأولاد والملكية ومشاريع الحياة المشتركة.
إنّ الحب نوعية وكمية، حسب نظرية مثلث الحب، يعتمد على تفاعل هذه الأقطاب الثلاثة مع بعضها، وينشأ عنها سبعة أنواع مختلفة من الحب تشرح طبيعة العلاقات الإنسانية.
شاهدت البارحة فيلم " The theory of everything" الذي يرصد حياة ستيفن هوكينغز. هذا الحب الصامد، الراسخ، الذي؛ كرّسته له جاين هو سبب اكتشافاته وانتصاراته، هذا الحب الذي استمر بعد زواجهما كمودة ورحمة عبر صداقتهما. منذ أكثر من 15 سنة، انفصلنا أنا وحبيبي ولم يزل من أعز الأصدقاء، ويسألني الناس كيف لم أعادِه، وأقول لهم أن الحب انتهى ولكن المحبة تبقى، والسنين والذكريات والثقة والود، والتجارب والمصاعب التي اجتزناها سوياً لا يجب أن تسقط بمجرد أن تنتهي شعلة الحب...
أختم بأكثر ما أحبه عن الحب: الحب هو ذكاء المسافة، ألّا تقترب كثيراً فتلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلاً فتُنسى”. أحلام مستغانمي
“ساعاتنا في الحب لها أجنحة ، و لها في الفراق مخالب .” وليم شيكسبير
“الحب أشد أنواع السحر فاعلية.” ستاندال
“ما أتعس الحب الذي يقبل أن يقاس.” وليم شيكسبير
المقالة الثانية: عن معنى الأشياء بدون حبّ...!! بيان عيتاني
أجد نصف قلب،
أرسل استفساراً لحب المراهقة،
"هل لازلت تمتلك النصف الآخر؟"
هنا ورقة الفحص الذي أجريته وعرفت منه للمرة الأولى بأنّي حامل.
حقّا، لماذا احتفظ بهذه الخزعبلات؟
دعوة فرح، والفرح في هذه الدار لم يدم.
عودة عن استقالة في العمل،
ثم حوالي اربعة رسائل استقالة من العمل!
بطاقات تتمنى لي اعواماً سعيدة،
تستوقفني بطاقة 'happy retirement’ تلقيتها من زميل عند استقالتي من اول وظيفة لي على الإطلاق.
أصحح نفسي، "كان صديقاً، وليس زميلا."
ينتهي اليوم، ولا نهايةَ الأوراق. هذه حياتي بالوثائق. افكّر في كمّ الأشياء التي تذكرتها، وفي كم الاشياء التي ليس هناك وثائق لتذكّرني بها. لكن الأشياء الحقيقية، لا تحتاج الى دليل ما دمنا نشعر بها. هكذا أُمنّي نفسي وانام.
والحبّ هو من هذه الأشياء الّتي نشعر بها دون أن نتيقّن منها. لذلك، تجد عشرات المقالات على شبكة الانترنت تقترح عليك دلالات للإجابة عن سؤال جوهري، "كيف أعرف إن كان شخص ما يحبّني؟". ولذلك أيضاً، نسأل أنفسنا في منتصف مشوارنا الأكاديمي والمهني نتساءل، "ماذا لو فعلت شيئاً آخر، أحبّه أكثر؟"
إن المشاعر التي نشعر بها تجاه الأشخاص والأماكن وحتّى الأشياء لا يمكن تفسيرها منطقيّاً على الدوام. وبدون الحبّ لا معنى للأشياء، حتّى لو بدت مكتملة. ما معنى الوظيفة المرموقة إن لم نضفِ شغفاً على عملنا؟ أو قيمة الزّواج من شخص رائع إن لم نكنّ لهذا الشّخص أيّ مشاعر؟
على المستوى الاجتماعي، الحبّ سلعة. لذلك، اجتماعياً هناك قيمة بلا شك للوظيفة المرموقة والشريك الرائع والمنزل المثالي وغيرهم، لكن على المستوى الشخصيّ نحن نحرم أنفسنا من قدرتنا كبشر على استعمال هذه القدرة الجميلة لكي نحبّ، ونُحَبّ.
يجب أن نسلط الضوء على هذه القدرة الخارقة للبشر اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، مع التطوّر التكنولوجي وبروز تقنيات الذكاء الاصطناعي. فالحبّ والمشاعر بشكل عام تعطي معنى وديناميكية للعلاقات الإنسانية، أمّا الرّوبوتات فهي تحتكم دائماً للعقل والمنطق. إذا حصل وتخلّى الإنسان عن قدرته على الحبّ فهو حتمًا يحكم على نفسه بالهلاك، لأنّه يكون فعلياً يقاوم جزءاً من تكوينه البشري.
مقابلة مع المعالج النفسي إيلي غزال:
ما هي اضطرابات الشخصيات المرضية في الحب؟ وما هي التحديات مع كلٍّ منها؟
• الشخصية النرجسية وقلة إن لم نقل انعدام قدرتها على الحب. تحب الشخصية النرجسية نفسها في العلاقات بدلاً من حبها للآخر، وتفتقر العلاقة للتعاطف والتقدير بشكل كبير وتكون تتمحور حول الطرف النرجسي بكليتها. بالنسبة للنرجسي الشريك هو أكسسوار جميل، أو إضافة يجب أن تكون مميزة ورائعة، ويجب أن تقدم له الإعجاب والتقدير في الوقت نفسه. باختصار العلاقة مع هذه الشخصية أنانية، مليئة بالتملك والأحادية.

• الشخصية الاعتمادية: تتميز هذه الشخصية بالاعتماد المفرط على الآخرين والشعور بالحاجة إلى الحصول على الرعاية بالمطلق ومن الشريك بشكل مضاعف. يمثل الشريك الأمان ، وفشل العلاقة يمثل عدم استقرار شديد، وهو دائماً بحاجة للعلاقات والارتباط. قد تتحمل هذه الشخصية المعاملة السيئة أو المسيئة وتخضع فقط من أجل الاستمرار في العلاقة. تخاف هذه الشخصية من خسارة الحبيب بشكل كبير وتحتاج إلى تطمينات ومساعدة بشكل متكرر وكبير. باختصار العلاقة مع هذه الشخصية تعتبر متطلبة بشكل كبير، ولا حدود للمسافات الشخصية والخصوصية.

• اضطراب الشخصية الحدية: ربما تكون أصعب الاضطرابات في الحب بسبب تقلبها وتهورها، تتميز بعلاقات غير مستقرة أو متوترة، سلوكيات اندفاعية وخطرة غير محسوبة النتائج، مثل ممارسة الجماع غير الآمن، ومحاولات الانتحار، ونوبات الغضب والارتياب. يمر الحب عندهم بقمم ووديان بشكل سريع، فيتحول الحبيب من صورة الإله إلى صورة الشيطان حسب التقلبات المزاجية وصورتهم النفسية الخاصة. باختصار العلاقة مع هذه الشخصية تعتبر عاصفة، مليئة بالمزاجية والتأرجح.