شمس معذبي الارض تشرق من الفيليبين

منذ 53 عاماً تضج جزر الفيليبين بثورةٍ شيوعية هي الأطول في التاريخ الحديث. دخل العالم في قرنٍ جديد ودخلت الحركات الثورية في سباتٍ عميق، ولكن بقي الحزب الشيوعي الفليبيني والجيش الشعبي الجديد يصارعان "الغوريلا في مانيلا". ثلاث وخمسون عاماً والشعب الفيليبيني يناقض كلام بافيت ويشن هو حربه الطبقية على البرجوازية الفيليبينية. 

 

تأسس الحزب الشيوعي الفلبيني (CPP) في 26 كانون الاول/ ديسمبر 1968 على يد خوسيه ماريا سيسون "الرفيق جوما"، باعتباره الحزب الثوري للبروليتاريا الفلبينية والشعب، مسترشداً بالماركسية اللينينية الماوية من أجل مواصلة الثورة غير المكتملة التي بدأها اتحاد أبناء الوطن "كاتيبونان" في 1896، والنضال من أجل التحرر الوطني والديمقراطية ضد الإمبريالية الأمريكية والطبقات الرجعية المحلية من الكومبرادور الكبار وملاك الأراضي والرأسماليين البيروقراطيين.

 

منذ ذلك الحين، حقق الحزب الشيوعي الفيليبيني إنجازات أيديولوجية وسياسية وتنظيمية عظيمة. مستوحاة من جميع النضالات الثورية السابقة للشعب الفلبيني وتتجاوز إنجازات كاتيبونان ضد الاستعمار الإسباني، وإنجازات الحزب الشيوعي لجزر الفلبين، وحزب الاندماج للأحزاب الشيوعية والاشتراكية (MPCSP) في فترات الاستعمار الأمريكي، والاحتلال الياباني الفاشي والنظام الاستعماري الجديد للطبقات الرجعية المحلية الخاضعة للإمبريالية الأمريكية.

 

يقود الحزب الشيوعي الفليبيني جيش الشعب الجديد (NPA)، الذي أسسه في 29 آذار/ مارس 1969 في المنطقة الثانية من تارلاك. يعمل هذا الجيش اليوم على أكثر من 110 جبهة حرب عصابات، تغطي أجزاء كبيرة من 73 من أصل 81 مقاطعة فلبينية في 17 منطقة خارج منطقة العاصمة الوطنية. وتساعدها المليشيات الشعبية ووحدات الدفاع عن النفس التابعة للمنظمات الجماهيرية. يتبع الخط الاستراتيجي لحرب الشعوب المطولة، ويقوم بالثورة الزراعية ويضمن بناء وعمل حكومة الشعب الديمقراطية. 

 

يقود الحزب الجبهة المتحدة الوطنية التي تمثل الجبهة الوطنية الديمقراطية للفلبين (NDFP) التي تأسست في 24 نيسان/ أبريل 1973. الجبهة المتحدة الوطنية التي تعتمد بشكل أساسي على التحالف الأساسي الثوري للطبقة العاملة والفلاحين، أكثر تجسيداتها تماسكاً. الطبقة الوسطى من البرجوازية وتستغل الصراعات بين الرجعيين من أجل عزل العدو وهزيمته، وهو أسوأ الزمرة الرجعية. الجبهة المتحدة فعالة في الوصول إلى الشعب وحشده بالملايين. لقد أثبتت قدرتها على الإطاحة بالديكتاتورية الفاشية لماركوس في عام 1986 ونظام إسترادا الفاسد في عام 2001. وفي حديث مع "النداء" قال "الرفيق جوما": "من الضروري هزيمة زمرة رجعية تلو الأخرى، وبالتالي زيادة قوة الحركة الثورية لإسقاط النظام شبه الاستعماري والشبه المستعمر بأكمله. نظام حكم شبه إقليمي، وإنجاز ثورة الشعب الديمقراطية وإرساء أسس الثورة الاشتراكية. "

 

وأكد جوما أنه "طالما تستمرت الرأسمالية الاحتكارية الأجنبية والإقطاع المحلي والرأسمالية البيروقراطية في الفلبين، سيشن الشعب الفلبيني ثورة ديمقراطية جديدة من خلال حرب الشعب الطويلة حتى يحصلوا على التحرر الوطني والاجتماعي والشروع في الثورة الاشتراكية. 

وقد نجح جوما مع صحبة رفاقه في بناء حزب شيوعي متجذّر ومنتشر جماهيرياً، حقّق عدة انتصارات على درب الثورة الوطنية الديمقراطية في الفليبين، وخلق توازناً مع النظام الحاكم، في ظلّ مجتمع يتميز بتنوع اثني وديني وبتواجد مجموعات إرهابية ذات مرجعية إسلامية. وهو اليوم على رأس المستشارين السياسيين للجبهة الوطنية الديمقراطية الفلبين لمفاوضات السلام بين الحزب والدولة.

 

عند سؤاله عن التناقض بين مفاوضات السلام وحرب الشعب، قال سيسون أنّ "حكومة جمهورية الفليبين، حكومة كبار الكمبرادور ومالكي الأراضي، هي من أُرغِمت على الاعتراف بالقوة المتنامية للحركة الثورية المسلحة، فعرضت مفاوضات السلام منذ 1986 بعد سقوط الديكتاتورية الفاشية لماركوس. لو رفضت القوى الثورية هذا العرض لمفاوضات السلام لكانت في موقف ضعيف سياسياً.سمح الحزب الشيوعي الفلبيني للجبهة الوطنية الديمقراطية بتمثيل جميع القوى الثورية في مفاوضات السلام، لأنها كانت وسيلة رئيسية للدعاية لبرنامج الثورة الديمقراطية الجديدة". 

 

يشرح جوما نظرة الثورة الفلبينية لحلفائها في المنطقة والعالم بالقول جهاراً "تتمتع الثورة الفلبينية بدعم البروليتاريا والشعوب وقواهم الديمقراطية المعادية للإمبريالية في جنوب شرق آسيا، وآسيا بأسرها والعالم بأسره، والأحزاب السياسية والحكومات التي تعارض الإمبريالية بكل معنى الكلمة". ويرسي جوما أسس من أساسات نجاح الحزب وهي التعامل مع الاصدقاء على مستوى واضحٍ من الندية ولا مستوى مبهم من التبعية. إلا أن الحزب لم ينجو من التضييق والضغط العالمي، إذ صنفته الولايات الأميركية تنظيماً ارهابياً على لوائحها المزعومة في العام 2002 ووضعت سيسون والعديد من قيادات الحزب على هذه اللوائح لتتبعها فرنسا في 2005.

 

يرى الحزب الشيوعي الفليبيني بأن خط التطور والتقدم في حرب الشعب هو من الدفاع الإستراتيجي إلى الجمود الاستراتيجي، وفي النهاية إلى الهجوم الإستراتيجي المضاد لتحقيق النصر الكامل. النظام الحاكم في أزمة مزمنة، ويستمر في التعفن ويجعل الأرض أكثر خصوبة من أي وقت مضى لحرب الشعب. تحت قيادة الحزب، يجب على جيش الشعب الجديد أن يشن حرب استنزافٍ طويلة الأمد وأن يبيد المزيد والمزيد من قوات العدو من أجل تقوية نفسه وإضعاف معنويات العدو ككل ورفع الروح المعنوية القتالية للشعب وتسبب في تفكك الرجعي وقواته المسلحة. 

 

بل ويؤكد جوما على ضرورة أن يجتهد الشيوعيون الفيليبينيين وحول العالم بتطوير قدراتهم العلمية والتقنية خدمةً لتطوير أساليب حرب الشعب، معتبراً بأن التجربة الفيتنامية يجب أن تكون مدرسة في هذا الخصوص. وشدد على ضرورة الارتباط التقني بتطور إيديولوجي للنظرية الماركسية في كل المجالات، وتوسيع آفاق النظرية مع تحولات القرن الحالي.

 

مهما حاولت الامبريالية وأنظمتنا الرجعية اغراقنا باليأس، سيشهد العالم كله بأن لنا رفاق ما زالوا يحملون مشاعلنا في وديان مانيلا وجبالها يحملون أماني جياع وفقراء العالم. وينظرون قاب قوسين أو أدنى  إلى نصرٍ قد يملؤ ضجيجه عالم غارقُ في سكينة الموت.