مبادرة الحزام والطريق: عشر سنوات من الانجازات الصينية-العربية

يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لطرح مبادرة "الحزام والطريق"، حيث طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 المبادرة والتي لاقت إقبالا كبيرا من مختلف الدول، ليحقق التعاون في إطار "الحزام والطريق" العديد من الإنجازات التي تعود بالنفع على جميع الأطراف التي آمنت بها.

ففي إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وقّعت الصين وثائق تعاون مع أكثر من 150 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية، ويشمل هذا التعاون البنية التحتية والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والمجتمع وغيرها من المجالات الأخرى. وقد قدمت مبادرة "الحزام والطريق" إسهامات إيجابية في تنمية الاقتصادات وزيادة فرص العمل وتحسين معيشة الشعوب، لتصبح بذلك عنوانا بارزا للمنافع العامة وللتعاون الدولي.
ومن بين الدول التي آمنت بهذه المبادرة هي الدول العربية، حيث انضمت 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية إلى المبادرة، وتمت إقامة أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات بين الجانبين في إطار المبادرة، كما ارتفع التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في عام 2021 إلى 330 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 37 في المائة عما كان عليه في عام 2020، وتتصدر الصين المرتبة الأهم بين الشركاء التجاريين للدول العربية.
إن العلاقات بين الصين والدول العربية ليست حديثة العهد، بل تعود إلى أكثر من ألفي عام عبر طريق الحرير القديم، وتحافظ الصين والدول العربية على هذا التعاون المميز حتى الآن، بل تطورت العلاقات بين الجانبين إلى مستويات أعلى ولم يعد يقتصر التعاون فقط على المجال التجاري ليشمل جميع المجالات وخاصة بعد إقامة 12 دولة عربية علاقات شراكة استراتيجية مع الصين.
يهدف هذا التعاون بين الدول العربية والصين إلى توفير مستقبل أفضل للشعوب، وقد أصبح المثال التنموي الصيني لتحقيق رفاهية الشعب، نموذجا يُحتذى به في العديد من الدول العربية وخاصة من خلال دراسة العديد من المفاهيم التنموية الحديثة ومن بينها "التحديث صينيّ النمط"، حيث يوفر هذا النمط العديد من العناصر المهمة في حياة المواطنين، من أهمها التنمية الاقتصادية وتسهيل حياة الشعوب وأيضا التعليم والصحة والتعايش بين الإنسان والبيئة وغيرها من المجالات الأخرى، فمن خلال الرؤية الصينية الجديدة والنمط الحديث في العلاقات الدولية يمكن تحقيق التعاون المربح للجميع، إذ تحث الصين بشكل مستمر على أهمية ممارسة المفاهيم التي تعود بالنفع على مختلف الشعوب، كما يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في القضاء على الفقر والتي تُعتبر نموذجا هاما لتعزيز التنمية العالمية.
ما يميز السياسة الصينية أيضا، هو سعيها لتعزيز تنمية المجتمع من خلال تطوير كل المجالات عبر مشاريع عديدة، حيث أطلقت البلاد ما يزيد عن 2000 مشروع إصلاحي في الأعوام العشرة الماضية، تغطي المجال الاقتصادي والاجتماعي، وبالإضافة إلى هذه المجالات الأساسية تعمل الصين أيضا على تحقيق مستوى عالي في العلوم والتكنولوجيا، وبناء نظام تجاري عالي المستوى، وضمان أمن الغذاء والطاقة والموارد، والوقاية من المخاطر وإزالتها، ودفع التحويل الأخضر الاقتصادي والاجتماعي، وكل هذه التجارب الناجحة لا تنفع الصين فحسب، بل أيضا بقية دول العالم ويمكن للدول العربية الاستفادة منها بشكل كبير.
إن تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية وتعميق التبادلات بين الجانبين يهدف إلى تطوير المجتمعات والشعوب في شتى المجالات بشكل مشترك، كما يمكن للدول العربية الاستفادة بشكل كبير من النموذج التنموي الصيني واتباعه حسب ما يتماشى مع البيئة الواقعية فيها.

*د. أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية مقيمة في الصين
**مداخلة ألقيت في المؤتمر العربي - الصيني الأول الذي نظمته جامعة زيجيانغ للعلوم الصناعية والتجارية (浙江工商大学)

  • العدد رقم: 416
`


أُنس الزليطني