الأول من أيّار رمز وحدة العمّال ونضالهم للتحرّر الاجتماعي

يحمل الأوّل من أيار قيَماً ومعاني عديدة.. فهو عيد عمّال العالم.. وهو رمز نضالهم وتضحياتهم لتحقيق مصالحهم الموحّدة ومطامحهم في التحرّر من نير الاستغلال الرأسماليّ..

وينطوي هذا العيد على تقدير وتكريم هؤلاء الذين يصنعون بقوّة عملهم الخيرات المادّية، ويحرّرون الأوطان، ويوفّرون حاجات ومقوّمات حياة المجتمع. وأهمّ ما تتميّز به الطبقة العاملة هو أنها في نضالها لتحرير نفسها من نظام الظلم الاجتماعي واستغلال الإنسان للإنسان، تحرّر معها المجتمع بأسره.
ويأتي العيد هذا العام والعمّال وشغيلة بلدنا في المدينة والريف يعانون ظروفاً شديدة القسوة تشمل جميع مجالات حياتهم ومعيشتهم الاجتماعية، وهي ناجمة عن سياسات طبقةٍ سلطوية فاسدة ومتمسّكة بنظامٍ طائفي تحاصصيّ يحمي فسادها ويمنع محاسبتها، ويخلق في الوقت نفسه تناقضات بين أطراف تحدث شللاً وعجزاً في بنية سلطتها وعملها. وهي تستخدم نظام الطائفية هذا لتخويف جمهور كل طائفة بمطامع الطائفة أو الطوائف الأخرى، لطمس الصراع الحقيقيّ بين غالبية الشعب الساحقة وبين طبقة الفساد والنهب والإستغلال، وجعله بين ذوي المصلحة الواحدة والمشتركة. ورغم ما أوصلت البلاد والشعب إليه من إنهيار وإفقار وإذلال، تستخدم هذه الطبقة جميع الوسائل لتجديد سلطتها ومواقعها، لإستمرار عملية نهبها ولتغطية فسادها هرباً من الحساب. وهي تسعى لتدفيع الطبقة العاملة وذوي العمل المأجور وفئات الطبقة الوسطى كلفة سدّ الفجوة المالية والاقتصادية الكبيرة في البلاد تحت عنوان توزيع الخسائر بدلاً من استعادة المال المنهوب وتدفيع أصحاب الثروات والمصارف الذين كدّسوا أرباحاً كبيرة من أساليب وتدابير البنك المركزي بالهندسات المالية، وبإقراض البنوك بفائدة 2% ليعيدوا توظيف هذه الأموال في البنك بفائدة 8 و9 %، هذا فضلاً عن استعادة حقوق الدولة من الذين سطوا على الأملاك البحرية والنهرية وغيرها، ومنها المرامل والكسّارات وتشويه الطبيعة الجبلية والشاطئية التي هي حقٌّ لكل الشعب، والتي جرت بحماية النافذين وقوى الأمر الواقع ومشاركتهم.
واستعداداً للإمعان في هذه السياسات المناقضة لمصالح الشعب، وتجنباً لتصاعد الاستياء الشعبي لضرب إستقلالية الحركة النقابية العمّالية منها والمهنية، كما فعلوا بمصادرة قيادة الاتحاد العمّالي العام، لمنعها من القيام بدورها الطبيعيّ في قيادة التحرّك العمّالي والشعبي. وليست الزيادة المقرّة أخيراً على أجور موظفي القطاع العام والمتقاعدين ثمّ القطاع الخاص أكثر من محاولة لتنفيس الاحتقان، وهي لا تكفي لشراء الحاجات الضرورية للحد الأدنى من العيش في ظل الانخفاض الكبير للقيمة الشرائية لليرة اللبنانية، ورفع الرسوم في المجالات المختلفة التي لا يمكن للقطاعات الشعبية تحمّلها، فيصبح ما يعطى إسمياً باليد اليمنى، يؤخذ فعلياً باليد اليسرى. وليست أساليب التضييق على حرية التعبير، ونمط إستدعاءات الأجهزة الأمنية للتحقيق مع هذا وذاك، ثم التدابير الجديدة لنقابة المحامين التي تملي على كل محامٍ الحصول على إذنٍ من رئيس النقابة ليتمكّن من التصريح أو كتابة مقال، واستدعاء المحامي البارز في مجال الدفاع عن حقوق الفئات الشعبية نزار صاغية، كل ذلك ليس صدفة أو أمراً عارضاً، بل هو مرتبطٌ بسياسات تجويع الشعب وتحميله أعباء تفوق قدرته على الاحتمال. وكونهم يخشون تنامي وعيه يلجأون وتصاعد تحرّكاته إلى ثورة شعبية فيعمدون إلى كمّ الأفواه بالتضييق على الحريات العامة وحرية التعبير. أليس هذا هو ما أقدمت عليه السلطة أواسط العام 1996 بتوقيف وسائل الإعلام خصوصاً المرئي والمسموع، تمهيداً لإصدار القانون السلطوي المنوي إقراره، تضييقاً على الحريات العامة الإعلامية لتمرير سياسة الصفقات والفساد والهدر التي أوصلت البلاد اليوم إلى الانهيار؟ لكن لا بد من التأكيد أنه كما تمسّك شعبنا بالحريات الديمقراطية وجسّد ذلك بأشكال نضالية مختلفة، يتمسّك اليوم أيضاً وليس جديداً القول إنّ الحرية ولبنان صنوان..
إنّ ما وصل إليه الوضع اللبناني من ضائقةٍ معيشية على الشعب وأخطارٍ على لبنان، وحدةً وكياناً ودولة، يستدعي تغييراً حقيقياً، لا يمكن لأيّ رئيس جمهورية من الطبقة السياسية وذهنيتها نفسها أن يحقّق هذا الهدف الإنقاذي الضروري للبنان والشعب، وهذا التغيير يصنعه الشعب بعمّاله ومثقّفيه الثوريين ومزارعيه وشبابه وطبقته الوسطى، في الشارع وفي الانتخابات النيابية، وفق قانون نسبي ولا طائفي وفي دائرة وطنية.
عاش الأوّل من أيّار عيد العمّال العالمي
تحية إلى شهداء النضال الاجتماعي وتحرير الوطن
فلتتوحّد القوى الشعبية والديمقراطية لتحقيق التغيير...

 

 

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 414
`


موريس نهرا