مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ

نعيش اليوم حرباً تجارية عالمية من نوع جديد ولكن ما زال شعار "التجارة شطارة" نشهده اليوم في زمن "الكورونا": غلاء معيشي فاضح على المواد الغذائية، وأيضاً على جميع المعدات الطبية الخاصة بالمكافحة والوقاية من الفيروس، ليصبح المواطنون في لبنان تحت رحمة التجار والمحتكرين من دون حسيب ولا رقيب.


نسأل اليوم كيف تستطيع الدولة حجر المواطنين فرداً فرداً في بيوتهم على معظم الأراضي اللبنانية ولا تقدر على حماية المستهلك من تجار الكمامات وغيرها من المعدات اللازمة للوقاية من إنتشار الفيروس من جهة، وغلاء المواد الغذائية بشكل تصاعدي لا حدود له من جهة أخرى؟ لماذا تغض الدولة النظر على هذه المسائل؟ هل هناك تغطية سياسية على هؤلاء التجار أم يريدون تجويع الناس للخضوع لهم أكثر من خلال صندوق "الإعاشة"، أو أنها تأخذ من المواطنين أموالهم عبر الغلاء لتضعها في صناديق الإعاشة؟ أي من "العب للجيبة" كما تعودنا. واللافت هنا أيضاً حتى الآن لم يتم تعيين لجان شعبية مشتركة بين الجمعيات والبلديات والمخاتير تحت أعين المتطوعين، لتجميع هذه التبرعات في مكانٍ واحد وتوزيعها على جميع العائلات والأفراد الموجودين على الاراضي اللبنانية مهما اختلفت جنسياتهم.
اللجان الشعبية ليس طرحاً مثالياً، بل هو طرح التي يمكن أن يؤمّن المساواة بين المواطنين في توزيع الحصص الغذائية على الشكل التالي: تجميع الحصص الغذائية والتبرعات في مكان واحد وتوزيعها عبر المخاتير والبلدية والجمعيات والمتطوعين والفعاليات الاجتماعية والسياسية الموجودة داخل كل منطقة واعتماد خريطة لتوزيع على البيوت داخل كل حي لتصل المعونات إلى ابواب البيوت، جميع البيوت، لأن جميع العائلات إن لم تجُع اليوم حتماً سيطرق الجوع أبوابها في الغد أو بعده. غلاء معيشي + أموال محجوزة + بطالة + عمل دون أجر أو نصف أجر، قبل وخلال الحجر الصحي وبعده، جميعها مؤشرات تؤدي إلى مجاعة.
وهنا نتذكر في الحرب العالمية الثانية كيف عملت النساء على زراعة الأراضي لتأمين قوت بيوتهن وكي يساعدن دولتهن في تخطي المرحلة، لنرجع للزراعة على مساحة الوطن إلى الأراضي الشاسعة الخالية من السكان ومن الإنتاج، من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال.
وكما ورد سابقاً في المبادرة الزراعية للحزب الشيوعي اللبناني بدعوة الشعب لزراعة الأراضي المشاع والأوقاف ودعوة أصحاب الأراضي للمبادرات الزاعية وزراعة الأسطح والحدائق في المدن وتحويلها إلى أراضٍ منتجة. فلتتحرك وزارة الزراعة لتقسيم الأراضي الزراعية على المواطنين شرط أن تبقى هذه الأراضي ملكاُ للدولة ولتتحرك أيضاً في تحديد مساحة الأراضي غير المنتجة فإما أن يتم إستعمالها للزراعة او تستثمرها الدولة من خلال إعطائها للمزارعين.
ونحذر الدولة اللبنانية من غضب الشعب مرة أخرى ونحملّها مسؤولية أي فوضى ستحصل كسرقة الصيدليات والمحلات الغذائية ونأسف مسبقاً لاستخدام الجيش والقوى الأمنية كوسيلة في هذه المواجهة كما فعلت مع المصارف. تخيلوا معنا الجيش والقوى الأمنية واقفون أمام الصيدليات والأماكن الغذائية كمحلات الخضار والدكاكين لحمايتهم من الجائعين.

فلتتحرك مصلحة حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد بشكل سريع لوقف الانتهازيين وردعهم عن زيادة الأسعار وفرض ضرائب ومراقبة صارمة بحق المخالفين، ووضع أسعار ثابتة للمواد الغذائية على مواقعها الإلكترونية لأن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. كما أن وزارة المالية مطالبة اليوم بإعفاء ضريبي على المواد الغذائية والمواد الوقائية. كذلك، المطلوب فوراً من الهيئات الرسمية المعنية، وقف الزبائنية والمحسوبيات في توزيع الحصص، وفرض تشكيل اللجان الشعبية.
فلتتحركوا بسرعة قبل فوات الأوان حيث لن ينفع الندم.

 

 

 

  • العدد رقم: 375
`


زهراء حجازية