ذكرياتي مع ميكيس ثيودوراكيس 2
بعد زيارته الاخيرة الى بيروت في شباط ٨٢، تسارعت الاحداث في لبنان، وبدأ العدوان الاسرائيلي وصولاً إلى الاجتياح في حزيران ٨٢. فبدأنا حملات في الخارج لحشد التضامن الدولي مع لبنان، وكان لليونان نصيب كبير من ذلك.
مهما كتبت عنه لن أفيه حقه، هوالصديق الرفيق الفنان اليوناني العالمي، دائم الحضور والثورة بكل ما يتعلق بمقاومة الظلم والظالمين في كل بقاع الارض.
... مسرحية الوطن الكبير، يستمرُّ عرضها منذ سنةٍ ومائة. السنة تقترن بصيغة العجِاف، والعام بالسِمان، وفوق المسرح كائنات أرضية، كائنات متى تعارفوا .. وقعوا يخوضون في عمائهم الوجوديّ، والذاكرة تحكي هباءً منثوراً .. رمادُهُ يُستنشقُ ودخانَهُ، وليس بخسَ الثمن، فهو أرواحٌ وأجسادٌ وأحلام، هو مادةٌ لا تُعادَل بكيف أصناف المخدرات، مخدرات تُنقل عبر رياح المعمورة برعاية القادرين الكبار. كلّ شمّةٍ ومجّةٍ منها تُكسِبُ صاحبَها جنونَ العظمة.
كيف حروفُ أسمائنا تُشكّلُنا ..؟ كيف نبدأ رسمها ..؟ كيف نستعيرُ قطراتِ الندى عن الطلول .. كي تُلاعبَ ما انتبذَ عن الهمول ..؟
شهيداً رحلتَ في المعركة، أيها الفارس المقتحِم .. شهيداً ثَنيْتَ الراية، فلم تسقط الرايةُ من يدكَ أيها القائدُ الشجاع ..وقد سكبَ الفداءُ الملحميُّ يدَكَ في غمامةٍ بيضاءَ في رقعةِ الليل، نهضتَ أنتَ كَساريةٍ في ضياء، ونهضَتِ الرايةُ ذاتُها، من جديد، تخفقُ بكبرياء، وتتوهّجُ بسماحةِ الضياء ..
... الحافرون في التيه، في الغياب والوحشة، أولئك الذين يجهلون وجوههم في المرآة، الذين، هم نحن، حٌرّاس تماثيل الطين والقش، ولأن الوجع في الأدب، في المأكل والمشرب، في السلامة والسياسة، فيالحياة، تلك، التي بيتنا الآنيّ، التي، نجيئها كالطيور المهاجرة، وفي الرواح والإياب، ثمة من يتبادل الضيافة، التي، أجملها عند الفقراء الكرماء، أولئك الحالمون بأن الحلمَ استمرار والألم، بأن الأمل لا يفارق الإحساس، بأن يظلّون هم في عين اليقين والبصيرة.